السلطة أوصلت القضية للخطر الحقيقي ودوائرها تحولت لـ"أعشاش للفساد"
مسيرات العودة أعادت القضية إلى الصواب والشعب هو "السلاح الكبير"
رهان السلطة المستمر على الإدارة الأميركية خاسر
أكد بسام أبو شريف مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، أن السلطة الفلسطينية أوصلت القضية الوطنية للخطر الحقيقي، وتحولت مؤسساتها لـ"أعشاش للفساد والسرقة"، عادًّا أن مسيرات العودة وكسر الحصار أعادت القضية إلى الطاولة الدولية.
وأوضح أبو شريف في حوار هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أمس، أن الوضع الفلسطيني أصبح حرجًا للغاية، والقضية تواجه مخاطر حقيقية، عازيًا ذلك لأسباب أساسها: الأخطاء السياسية التي ارتكبتها قيادة السلطة خلال العقد الماضي والمتمثلة بمراهنتها التامة على الموقف الأميركي.
وقال أبو شريف: "وضعت قيادة السلطة كل أوراقها في سلة الإدارة الأميركية، العدو الحقيقي للشعب الفلسطيني وقضيته، والمانعة لإقامة الدول الفلسطينية وإعطاء الشعب حقه في تقرير المصير والعودة والاستقلال".
وأشار إلى أن الموقف الأميركي بات مكشوفًا تمامًا مع وصول الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم، مبينًا أن الأخير أثبت أنه "موظف صهيوني، أتي به للبيت الأبيض من أجل تنصيب (إسرائيل) حاكمًا إقليميًا للشرق الأوسط على حساب الفلسطينيين وقضيتهم العادلة".
محاسبة السلطة
وشدد على ضرورة مراجعة ومحاسبة السلطة لارتكابها الأخطاء السابقة، ورأى أن السلطة تستطيع "التكفير قليلًا عمّا اقترفته" عبر إيجاد أرضية مشتركة يقف عليها الفلسطينيون لمواجهة الأخطار المحدقة بقضيتهم إلى جانب رفض الانخراط في المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي مجددًا.
وطالب أبو شريف السلطة برفض "صفقة القرن"، وعدم الانصياع للإملاءات الأميركية، مستهجنًا: "كيف للسلطة أن تستمر في اعتمادها على الإدارة الأميركية في وقت أعلن ترامب صراحة انتهاء كل شيء بما يخصّ ملف التسوية بعد إعلانه مساندته للاحتلال بنسبة 100%، وإعلانه القدس عاصمة موحدة للأخير".
وأضاف: "الرهان المستمر على الولايات المتحدة الأميركية رهان خاسر.. وإذا امتلكت السلطة الشجاعة أن ترفض المفاوضات فهي توجه ضربة قاسمة وحاسمة لكل المخططات التي تعمل على تنفيذها الولايات المتحدة و(اسرائيل) ضد القضية الفلسطينية".
وتابع: "السلطة تجافي حقيقة امتلاك الشعب الفلسطيني القوة والتي من الممكن جدًّا أن يتصدى عبرها للمؤامرات الدائرة حول القضية، وأن يتغير ميزان القوى لصالحه، الشعب هو السلاح الأقوى التي تمتلكه القضية لنزع الحقوق وتحقيق تقرير المصير".
نقاط جوهرية
وذكر أن خطاب رئيس السلطة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أخيرًا، حمل مجموعة من التحفظات والخطوط الحمراء، وخلا من نقاط جوهرية تتعلق في الإشارة إلى إرهاب وبطش وجرائم (إسرائيل) بحق الأطفال واعتداءاتها على القدس والمقدسات.
واستدرك: "كنا ننتظر أن يقول محمود عباس لا مفاوضات قادمة مع الاحتلال طالما أميركا هي سيدتها وراعيتها الأولى، وأن يقول إن اتفاق أوسلو تم دفنه من الاحتلال أولًا بإقامة المستوطنات واحتلال الضفة".
ولفت إلى أن السلطة لم يكن اعتمادها ورهانها على الإدارة الأميركية هو الخطأ الوحيد، إذ اقترفت العديد من الأخطاء المركبة والمرتبطة ببعضها بعضًا.
وعدد أبو شريف هذه الأخطاء وأولها: أن منظمة التحرير الفلسطينية باتت ممتلئة بالقيادات غير الشرعية، وتوقفت السلطة عن إقامة مجلس وطني منتخب من قبل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، عدا عن ضعف المجلس المركزي واللجنة التنفيذية.
واستطرد: "لقد غابت الديمقراطية عن مؤسسات السلطة، وتحولت لمؤسسات تنسق مع الاحتلال بما يضرب القوة الكامنة والمتحركة في صفوف الشعب لمواجهة الاحتلال".
وأكمل أبو شريف: "تحولت دوائر السلطة إلى أعشاش للفساد وسرقة المال وهي الأخطر، فهناك جرائم ترتكب بحق الشعب من خلال استشراء الفساد والسكوت عنه وخلو المنظومة من الرقابة"، مناشدًا "أشخاص ما زالوا يمسكون براية الحق ومحاربة الفساد" بأن يتحركوا لمواجهة الفاسدين في السلطة مهما كانت صلتهم بما أسماه "الباب العالي".
مسيرات العودة
وأكد أبو شريف أن مسيرات العودة وكسر الحصار عكست حالة القوة والصمود الكامنة في نفس الشعب الفلسطيني والإصرار والعنفوان الثوري الذي يمتلكه لأجل حقوقه ووطنه.
وخاطب الجماهير الفلسطينية المشاركة في مسيرات العودة: "إياكم أن تظنوا بأن التحرك الذي تنفذوه سدى؛ فهو تحرك عاد بالقضية لمكانها الصحيح".
وأكدّ أن مسيرة العودة البرية والبحرية منها، أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك، حالة القوة والصمود الكامنة والإصرار والعنفوان الثوري الذي يمتلكه الشعب الفلسطيني، والتي هي بمنزلة "سلاح كبير".
وقال: "أثبت شعبنا في قطاع غزة وهو يُصر على الاستمرار في مسيرة العودة، أنه يمتلك قبضة أقوى من طائرة الأف 16 والصواريخ المدمرة".
وانطلقت مسيرات العودة وكسر الحصار في 30 مارس/ آذار الماضي قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948م، للتأكيد على حق العودة، ورفضًا لصفقة القرن، والمطالبة برفع الحصار عن غزة.
ووصف أبو شريف، العقوبات التي يفرضها رئيس السلطة محمود عباس على قطاع غزة بـ"المرض الذي سيرتد على أصحابه" وأنه تشبه أفعال ترامب تجاه خصومه من الدول والمؤسسات العالمية، "ظنًّا منه أنها سياسة مجدية يمكن أن تؤدي لنتائج سياسية".
واستدرك: "إذا ظنت السلطة أن فرضها للعقوبات على غزة سيُركع أهلها لأمر الواقع، ويرغم القيادة الوطنية على وقف النضال وعدم التصدي للعدوان الإسرائيلي، فهي مخطئة".
وأشار إلى أن الإجراءات العقابية تجاه غزة تستهدف بالدرجة الأولى إرضاء واشنطن و"تل أبيب"، وصولًا لبيت القصيد المتمثل بأن يصبح سلاح المقاومة تحت إمرة السلطة الفلسطينية، مكملا "وهذا لن يتم".
ورأى أن محاولة سحب سلاح المقاومة الفلسطينية، مشابه تمامًا لما كان يحدث سابقًا مع عناصر حركة "فتح" قبل قدوم السلطة للأراضي الفلسطينية، "حيث كانت الأنظمة العربية تحاربهم وتلاحقهم من جراء السلاح الذي يحملونه".
وعدّ "من يحاول سحب سلاح الشعب لا يخدم سوى مصالح الاحتلال والإدارة الأميركية، اللذين يعدان غزة نقطة مقلقة لا بُدّ من التخلص منها بما تختزن من مقاومة".
ودعا أبو شريف رئيس السلطة للتراجع عن العقوبات وعدم اتخاذ خطوات أخرى مشابهة، والعودة لطريق بداية برنامج منظمة التحرير المقاوم للاحتلال.