قائمة الموقع

​المشاطيح الخشبية رزق يناطح الظروف الاقتصادية

2018-10-04T13:52:33+03:00

كثيرًا ما نسمع بمقولة: الحاجة أم الاختراع، وكثيرًا ما كانت الحاجة إلى الشيء فعلًا دافعًا لاختراع أشياء عظيمة سجلت بمداد من ذهب, وكانت سببًا في تحقيق إنجازات غاية في الروعة والعظمة.

لكن هذه المقولة عندما تتحقق في غزة فإنها تعني العظمة كلها والروعة جلها، ﻷن الحاجات في غزة كثيرة جدًّا، والإمكانات شحيحة للغاية، لذلك كانت الاختراعات عزيزة، لكونها تأتي في ظل شح الموارد والمواد الخام، لكن الإصرار على العيش بكرامة والتأقلم مع الأوضاع الصعبة في هذا البلد المحاصر يدفع أبناءه إلى ابتكار أشياء غاية في الروعة وبأقل التكاليف والإمكانات.

مراسلة صحيفة "فلسطين" زارت عددًا من معامل النجارة، والتقت ببعض من العاملين، فالشاب محمد سعيد يقول: "بدأت العمل في تجارة المشاطيح منذ ما يقارب أربع سنوات، فكرت في مصدر رزق، لكن ظروفي المادية حتمت على شراء المشاطيح الخشبية ومن بيعها إلى معامل الفرم", مبينًا أن ثمن المشطاح الواحد من سبعة إلى عشرة شواكل ومن ثم يبيعها أعلى بقليل.

أما الخمسيني في العمر "أبو سالم" صاحب منجرة السعادة يقول: "لدي منجرة منذ اثنتي عشرة سنة, رغم هذا العمل المتعب إلا أنه ممتع جدًّا"، مضيفًا حول آلية العمل: "بعد شراء المشاطيح, ننظفها من الشوائب والمسامير، ونفرمها عبر ماكنة خاصة فتتحول إلى نشارة خشب، ونعبئها في أكياس خاصة لتباع إلى مزارع الدجاج".

يصف "أبو سالم" مهنته بالجيدة, ويكمل: "هذا المعمل يوفر لقمة العيش لإحدى عشرة أسرة، فإخوتي وأبناؤهم يعملون معي, كما أننا نبيع كيس نشارة الخشب بعشرة شواكل لمزارع الدجاج".

لم يقتصر العمل على فرم النشارة ومن ثم بيعها إلى مزارع الدجاج, فمن جهته اتخذ الشاب رامي إسماعيل من العمل في المشاطيح مهنة أخرى، يقول لمراسلتنا: "أشتري المشاطيح الخشبية وأنظفها، وأفككها، وأفرز الألواح الخشبية النظيفة لعمل كراسي وطاولات من الخشب، ومن أبيعها للزبائن, إضافة إلى عمل الكراسي والطاولات، وفي فصل الشتاء أبيع ما تبقى من قطع المشاطيح الخشبية، وهي مكعبات صغيرة يستخدمها المواطن للتدفئة من برد الشتاء، ويصل سعر الكيس الواحد إلى سبعة عشر شيكلًا".

ويؤكد أن هذه المهنة أصبحت مصدر رزق وسد الحاجات لعائلته منذ ثلاث سنوات, في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة.

ويردف: "ازدياد الطلب على شراء "المشاطيح" الخشبية بعد أن فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على ما يقارب 2 مليون نسمة يقطنون في 36 كيلومتر مربع، ومنعت إدخال المواد الخام الأساسية اللازمة للصناعة والإنشاء".

"أخشاب لا ترمى, بل يصنع منها أجمل الديكورات"، بهذه الجملة بدأ أحمد علي صاحب مقهى على شاطئ البحر حديثه, يكمل: لدي هذا الكشك على شاطئ البحر, أبيع من خلاله القهوة والشاي وبعض المسليات للمارة, ولكن في يوم الأيام فكرت بأن أضع بعض من الكراسي ليجلس عليهم الزبائن ويستمتعون بمنظر البحر الخلاب".

ويضيف: "اتجهت إلى بعض معامل النجارة التي تعيد صنع الكراسي الخشبية من المشاطيح, وطلبت تصميم كراسي وطاولات ومراجيح خشبية, وكما ترين المكان هنا أصبح وكأنه متنزه".

على طاولة خشبية يجلس محمد سكر برفقة أصدقائه، وهو مِن أحد الزبائن الذين يتوافدون على شاطئ البحر باستمرار، يقول: "أجمل ما يميز الشاطئ هي المشاطيح الخشبية الموجودة هنا، والطاولات والكراسي المصنوعة بكل تقنية وفنية، مضيفًا: "أشعر بأنني أجلس في مكان راقٍ نتيجة البساطة التي يتمتع بها المكان والجلسة الهادئة المطلة على شاطئ بحر غزة".

وفي السياق ذاته، فإن اتجاه المواطن في غزة للتفكير في مصادر رزق جديدة، يدخل في إطار البطالة المتفشية وانتشار الفقر، ليؤكد لنا مدير العلاقات العامة في غرفة التجارة والصناعة في محافظات غزة ماهر الطباع أن ظاهرة صناعة الأثاث من خشب المشاطيح نابعة من مجموعة من الأشخاص, يحاولون إيجاد مشروع لهم لتوفير الرزق, ليبدأ السوق بالتعايش معها من خلال إعادة فرمها واستغلالها في مزارع الدجاج أو الأثاث المنزلي والمكتبي, وتجد هذا الأثاث في الحدائق والمقاهي المنتشرة في القطاع.

اخبار ذات صلة