فلسطين أون لاين

​حين تكون عواقبها حاجزًا يعجز بعض الشباب عن تخطّيه

هل حقًّا أن أثقل تَرِكة للأبوين هي مشاكلهما الزوجية؟

...
صورة تعبيرية عن المشاكل الزوجية
غزة - مريم الشوبكي


حوارٌ سلبي يدور في أذهان بعض الشابات والشبان المقبلين على الزواج، بسبب تجارب زواج فاشلة حدثت في المحيط القريب منهم، كانفصال الأبوين _مثلًا_ أو عدم سعادة أخواتهم أو إخوانهم مع شريك الحياة بسبب الاختيار الخطأ.

فهذه تقول: "(متى ستتزوجين؟) سؤال يشعرني بالخوف أكثر من أي أمر آخر في هذه الحياة"، وتلك تقول: "كل الناس يظنون أنني عروس تطير من الفرحة، ولا يعرفون أنني أماطل لأمدد مدة الخطوبة ولا أستطيع أن أحدد موعدًا لزفافي".

ونتيجة لما سبق تعاني العروس من رد فعل خطيبها: "خطيبي منزعج ويتهمني بأنني لا أحبه، فلو كنت أحبه لتمنيت الزواج به اليوم قبل غد، ولا يعرف أني خائفة، فمن عاش حياة فيها الأب والأم منفصلين فسيطارده شبح تجربتهما طول الوقت، ومن الطبيعي أن يخاف فكرة الزواج".

في بعض الأحيان تؤثر تجارب الزواج الفاشلة لبعض المعارف على شخصية الفرد وعلى قراراته في الحياة، وتفرض عليه الخوف من تكرار التجربة، فكيف السبيل ليتحكم الشخص في هذه المشاعر كي لا تسيطر عليه وتوجهه؟، وكيف يمكن أن يمتلك الصلابة النفسية ويأخذ العبرة والدروس منها، ويحسن اختيار شريك الحياة متفاديًا انهيار زواجه؟

إنسانيته أولًا

الشابة "فداء" لم تهدأ المشاكل بين أبيها وأمها يومًا، وما زاد بؤسها حال أخواتها الأربع مع أزواجهن، ما جعلها ترفض سنوات الارتباط بأي رجل، إذ لا تثق بأن هناك رجلًا صالحًا يمكن أن يسعد زوجته.

قالت "فداء" لـ"فلسطين": "سيطر عليّ خوف رهيب من فشل حياتي الزوجية في حال تزوجت، ومن الارتباط بشخص لا أعرف طباعه، فكثيرًا ما أسمع ممن حولي أن الخطوبة مرحلة "لعب"، وأن الحب يذهب بعد الزواج، فكان المشهد الذي يجول في عقلي هو طلاقي بسبب عدم قدرتي على التعامل مع الرجل الذي سأتزوجه".

وأضافت: "عندما وصلت إلى 27 عامًا تقدم لي شاب بمواصفات جيدة، ولكني رفضت بشدة، وتحت ضغط وإلحاح من حولي وافقت بشرط، وهو التحقق من حسن أسلوبه في التعامل مع أمه وأخواته، وهل هو إنسان طبيب وحنون أم لا؟، ولم أهتم بمستواه التعليمي ولا مستواه المادي، فما يعنيني هو إنسانيته وحسن تعامله مع المرأة واحتوائها ومساندتها ودعمها عند ضعفها".

مصدر التعلم

بدوره بين الاختصاصي النفسي زهير ملاخة أن التجربة مصدر من مصادر التعلم في الحياة، ومن مصادر تشكيل الشخصية وتعلم الصواب من الخطأ، وهي تكسب الفرد كثيرًا من المهارات في مجالات مختلفة، وعلى الإنسان أن ينظر إلى التجربة بإيجابية لتعديل نقاط ضعفه وتدعيم نقاط قوته، ويتجنب ما يراه من أخطاء في بعض التجارب.

وذكر ملاخة لـ"فلسطين" أن التأثر بالتجارب السلبية للزواج يختلف حسب طبيعة الشخصية، فبعض الشخصيات تميل إلى رجاحة العقل والتفكير الإيجابي والسليم في نظرتها إلى محطات الحياة والتعثر بوجه عام، ويكون لديهم صلابة نفسية وقدرات عقلية وإسناد اجتماعي من العائلة والأقارب والأصدقاء، وهذا يجعلهم أقوى في التعامل مع المواقف.

وأشار إلى أن بعض ذوي الشخصيات الضعيفة يسيطر الخوف على الجانب الحسي والعقلي لديهم من تكرار التجربة، ويعطل هذا الخوف الرؤية العقلية عندهم، فلا يمتلكون الجرأة ولا يقدرون على التكيف مع المشكلة والتعامل معها بمرونة، ويعدونها أمرًا واقعًا، معقبًا: "المجتمع من حوله يذكره بالتجربة السابقة، والتفكير بالسلبيات، فيتوقف عند هذه المرحلة ولا يستطيع تخطيها، لذا غياب المساندة الاجتماعية يجعل التجربة السيئة كابوسًا في حياته".

الدائرة المحيطة

ولفت الاختصاصي النفسي إلى أن استمرار عواقب التجربة السلبية كانفصال والديه أو طلاق أحد إخوته يجعله في حالة من السلبية والحزن، وهي من العوائق أمام الإنسان التي تمنعه من تكرار تجاربه بتجنب النقاط السلبية فيها.

ونصح من مر بتجربة زواج فاشلة هو أو أحد معارفه بأن يفكر بإيجابية، وأن ينظر إلى مشاكل الآخرين على أنها دروس حياة حتى يتعلم منها ولا يكررها، وبذلك يستفيد منها ويحسن سلوكه واختياراته، ولابد أن يستمد القوة من أخطاء الآخرين وتجاربهم.

ودعا ملاخة إلى عدم التأثر بالمجتمع المحيط الذي يمكن أن يبث مشاعر الخوف والإحباط تجاه الزواج وفشله، بل على الفرد أن يعتمد على نفسه في دراسة الأمر، أو استشارة من يثق به، ويجب أن يفكر بإيجابية ويختار جماعة من الإيجابيين يحيطون به ويحملونه على الخير.