"نموذج للفلسطيني المسلوخ عن قضيته، السلطة ترعى الفساد رسميا، كعادتها روابي تغرد خارج السرب وتنتفض ضد قانون القومية بالغناء والرقص على جراح غزة.." ذلك بعض ما اختاره نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، للتعليق على حفل غنائي صاخب، أول من أمس، شهدته مدينة روابي المجاورة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
وأثار الحفل الغنائي غضبا واسعا في صفوف نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، الذي جاء قبل ساعات قليلة من تنفيذ إضراب شامل في جميع أرجاء الوطن ومخيمات الشتات؛ رفضا لما يسمى قانون "القومية" الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي، مؤخرا، وتزامنا مع تسليم الاحتلال جثمان الشهيد محمد الريماوي.
المرابطة المقدسية خديجة خويص علقت على الصور التي خرجت من ساحة الحفل الغنائي، بقولها: "بينما كانت القدس ليلا تعجّ بقطعان المستوطنين الذين هاجموا السيارات والمارّة وقاموا بالتكسير والتخريب بحماية شرطة الاحتلال، كانت روابي في رام الله تضجّ بالغناء والطرب والاختلاط والتمايل والرقص".
وتساءلت خويص على صفحتها بموقع "فيسبوك": "حتى متى تظلّ مدينة رام الله معقلاً لهؤلاء؟ أم فعلاً أنّنا نسير نحو الهاوية بسكوتنا عن الفساد وبتفريغنا للأقصى وغفلتنا عنه".
وكتب الناشط محمد الأطرش تحت وسم (#هاشتاق) عذرا أيها الوطن، قائلا: "عار علينا 69 عاما من الاحتلال ونحن نطالب بأن نحرر الوطن، لا بل ونصبنا نفوسنا خير العرب وكنا ننكر مظاهر الفساد في الدول المجاورة ونقول أين الشرف والرجولة حتى وقع ما وقع، فبدلنا الشرف بالوقاحة وسارعنا للحفلات والتجمعات بداعي التقدم وكذبة الدولة".
وأضاف الأطرش: "أي كذبة وأخي وأخوك وأنا وأنت تحت الاحتلال ولم نكتفِ ولن نكتفي بأن نكون محتلين بل ظهر فينا الفاسد والسارق وتاجر السلاح والمخدرات ونسينا الوطن.. وأي وطن والسلاح فيما بيننا مرفوع والزعران عاثوا في الأرض فسادا وكله مدعوم أو مسكوت عنه".
أما الناشط المقدسي رضوان عمرو فكتب "كمية المجون التي تنضح بها مدرجات روابي عشية الذكرى الـ 18 لانتفاضة الأقصى الثانية، تعبر فحسب عن الفئة التي احتشدت للرقص والطرب هناك متجردة من أخلاقها وعادات شعبها وهموم أمتها ولا تعبر عن شعب فلسطين العظيم الصابر المجاهد المحاصر الذي أثقلته قيود الاحتلال وأعوانه".
وعد الشاب محمود عبد الكريم موافقة السلطة على تنظيم حفلات كهذه دليلا على أن "السلطة متورطة ليس فقط في تدمير القضية بل حتى الإنسان الفلسطيني الذي يحمل هذه القضية"، موضحا أن أخطر ما تفعله السلطة في الضفة هو تغريب وتغييب الجيل عن ثقافته وحضارته وقيمه ودفعه للتعايش مع برامج التغريب الفكري والحضاري والقيمي، وصولا إلى خلق جيل يتعايش مع جلاده ومن يحتل أرضه.
فيما وصف الإعلامي إسلام بدر، مدينة روابي بـ"النموذج الممسوخ الذي عملت السلطة على تقديمه للفلسطينيين"، وقال: "شعب تحت الاحتلال ومقدساته تحت التهويد وأرضه تحت المصادرة ورزقه تحت الحصار ومستقبله في خبر كان .. ثم يرقص ويتمايل على الأنغام كالأغنام".
وعن روابي ذاتها تحدث بدر مضيفا "مدينة جديدة منزوعة الجذور التاريخية، منعدمة الهوية في ظل صراع محتدم أساسه الأصول، يدخلها الإسرائيليون فلا يجدون إطاراً مشتعلاً ولا صورةً لشهيد على حوائطها، علاوة على انعدام أثر المخيم كرمز للقضية .. لا لوم، سكانُ روابي هم فلسطينيون مثلنا، إنما اللوم كل اللوم على من يريد مسخ هويتنا، ووأد جذورنا".
وتفاعل الشاعر الشاب قتيبة عبد الرحمن مع موجة الاستنكار، فكتب قائلا: "من خلف هذا العار مقبرة الأباة الأعظمين ومن تحته تجري دماء المسلمين، مهلا .. نؤخركم لبضع سنين، مهلا .. هناك سيدحر الحقُّ الهجينْ رغم أنف المعتدين وكل أذناب الخيانة أجمعينْ".
وعلق عماد الدين المصري على حفل روابي: "لن ألوم هذه الفئة العمرية المراهقة المغرر بها، ولكنني بكل أمانة سأسمح لنفسي بسب وشتم كل ولي أمر دفع ثمن تذكرة هذه الحفلة ١٢٠ شيقلا، لأنها جاءت بعد أقل من ٢٤ ساعة من استشهاد أطفال لم تتجاوز أعمارهم ١٤ عاما منهم حافظون للقرآن، ضحوا بأنفسهم من أجل أن يعيشوا ونعيش معهم حياة كريمة".