عادت تهديدات قيادة الاحتلال الإسرائيلي على الصعيدين السياسي والعسكري، تطفو على السطح من جديد، حول انهيار جهود التوصل لاتفاق "وقف إطلاق النار" بينه والمقاومة الفلسطينية، في ظل تصاعد وتيرة الأحداث الميدانية قرب السياج الفاصل شرق قطاع غزة.
يقول وزير التعليم المتطرف بحكومة الاحتلال نفتالي بينيت: إن اتفاقيات التهدئة انهارت، وبسبب ضبط النفس من وزير الجيش أفيغدور ليبرمان "استمر الإرهاب"، وفق ما نقلت القناة الـ12 العبرية.
فيما يقول القائد السابق لسلاح المدرعات بجيش الاحتلال الجنرال رونين إيتسيك في مقاله التحليلي في صحيفة "إسرائيل اليوم": "إن تنفيذ عملية عسكرية ضد غزة هي مسألة وقت ليس أكثر".
وأضاف أنه منذ انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار نهاية آذار/ مارس المنصرم، "تحاول حماس جلب (إسرائيل) لإبرام تسوية أو تهدئة، من خلال إبقائها تحت ضغط المسيرات والاندفاعات الجماهيرية باتجاه الحدود، وإطلاق البالونات الحارقة، فيما تحاول قيادة المنطقة الجنوبية التعامل مع ذلك بهدوء، ويواصل مستوطنو الغلاف المعاناة" على حد قوله.
وتترافق هذه التصريحات والتهديدات من قادة الاحتلال، مع استمرار الجهود المبذولة لتثبيت وقف إطلاق النار الموقع عام 2014 في القاهرة، من خلال بحث الوسيط المصري هذه القضية مع حركة حماس وفصائل المقاومة، وهو ما يترك تساؤلاً مهمًّا: "هل انهارت التهدئة فعليًّا وعادت إلى مرحلة الصفر؟".
المحلل السياسي والأمني د. محمود العجرمي يقول: إن الأوضاع الميدانية تشهد حالة من التوتر والتصعيد من الاحتلال، من خلال استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين المشاركين بمسيرة العودة.
ويرى العجرمي خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن كرة اللهب تتدحرج وقد تقود لانفجار الأوضاع الميدانية وشن عدوان إسرائيلي جديد على غزة، مستدركاً: "لكن أعتقد أنه من أساليب التفاوض والتوصل لأي اتفاق هو عمليات التصعيد الميداني والكلامي".
ويضيف: "رغم ما يجري في الميدان بما يشي بقرب انفجار الأوضاع، إلا أن العدو يعلم عدم قدرته على فرض أي شرط سياسي، ولن يحقق أهدافه كما حدث في الحروب الثلاثة السابقة على قطاع غزة".
وبحسب قوله، فإن الأسباب السابقة تشكل له رادعاً بعدم الذهاب لعدوان جديد يكلفه مزيداً من الدماء ودفع أثمان سياسية وعزلة على المستوى الدولي.
ويستبعد العجرمي، شن عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة في الوقت الراهن، رغم تأزم الأوضاع الراهنة على الأرض، متابعاً: "سننتظر ما سيسفر عن اجتماع وفدي حماس والجهاد الإسلامي في القاهرة".
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، أن حوارات التهدئة متعثرة إلى حدٍّ ما، لكن الجهود ما زالت مستمرة، ومصر تلعب دوراً مهمًّا في التوصل لتثبيت وقف إطلاق النار الموقّع عام 2014.
ويوضح مجلي لصحيفة "فلسطين"، أن قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية تناقش مسألة التهدئة داخل أروقتها، مشيراً إلى أن التهدئة "فشلت نسبيًّا، ولكن من السابق لأوانه الحديث عن الفشل بشكل نهائي".
حملة انتخابية
ويوضح مجلي أن كيل قادة الاحتلال الاتهامات لنتنياهو وليبرمان بإفشال وقف إطلاق النار، يندرج ضمن الحملة الانتخابية التي يخوضها هؤلاء، مع قرب إجراء الانتخابات، واصفاً ذلك "بالمعركة الحزبية التي لا علاقة لها بالواقع الميداني".
ويقول: إن سلسلة التهديدات والاتهامات تفتح الباب أمام الصراعات والتجاذبات بين قيادات الاحتلال، مما يدفع ليبرمان ونتنياهو للرد عليهم بنوع من التصعيد، في محاولة منهما لإثبات قوتهما.
ويبيّن مجلي أن نتنياهو وليبرمان يحاولان استعراض قوتهما لكن ضمن محاذير في ظل عدم رغبة الاحتلال بتدهور الأوضاع في قطاع غزة، خشية انفجارها.
وكان نتنياهو، أبدى جاهزية جيشه للتعامل مع أي سيناريو قد يطرأ على جبهة قطاع غزة، قائلاً: "نحن جاهزون لأي سيناريو وهذه كلمة جدية"، وفق ما نقلت صحيفة "معاريف" العبرية خلال حديثه لصحفيين إسرائيليين في نيويورك.