يبدو أنّ مشهد إعدام الشّهيد قصي حسن العمور ابن السبعة عشر عامًا وسحله على الأرض في مواجهات بلدة تقوع الواقعة إلى الجنوب الشرقي لبيت لحم لم يكن من قبيل الصّدفة.
ويؤكّد مواطنون في البلدة لصحيفة "فلسطين" أنّ الاحتلال نفذ مؤخرا حملات اقتحام ومداهمة واعتقال وحواجز وتضييق على السّكان، لكنّ جهوده لم تفلح في إنهاء المواجهات اليومية المتكررة ما بين المواطنين وقوّات الاحتلال، في مداخل البلدة ومحيطها، التي يخترقها شارع استيطاني يربط مستوطنات بيت لحم والخليل مع مستوطنات مدينة القدس.
يقول أحد سكّان البلدة من عائلة العمور: إنّ الاحتلال وقبيل بضع ساعات من استشهاد العمور الأسبوع الماضي، عمد إلى اقتحام البلدة، وإطلاق للقنابل الغازية والصوتية في وسط البلدة، قبل أن تحتشد طوابير من المركبات العسكرية وناقلات الجند على مدخل البلدة الغربي، وتستدرج الشّبان للمواجهات، التي انتشر فيها القناصة في المحيط وبين الأشجار، وعمدوا إلى إطلاق الرصاص الحيّ والمطاطي صوب الشّبان.
ويلفت إلى أنّ الشهيد قصي كان أحد أبرز المحرّكين للمواجهات في البلدة، لافتًا إلى أنّه جرى قنصه من مسافة قريبة، واخترقت رصاصة القلب، واستشهد على الفور، قبل أن يجري سحله على الأرض بطريقة مهينة.
من جانبه، يوضّح الصحفي صبري جبريل أحد سكّان البلدة لصحيفة "فلسطين" أنّ بلدة تقوع مستهدفة بشكل كبير من جانب الاحتلال، لافتًا إلى أنّ المواجهات تتكرر في مداخل البلدة في النهار، وتشهد ساعات الليل اقتحامات واعتقالات متواصلة.
وينوه إلى أنّ الوتيرة متصاعدة، مشيرا إلى أنّ الانتهاكات لا تتوقف، وتتعدّد أشكالها، ويتنوع معها الاستهداف لهذه البلدة، التي يتوسّطها شارع التفافي، ويحدّها عدد من المستوطنات تزحف باتّجاه أراضيها، ويحاول الاحتلال استهداف السّكان بشكل غير مسبوق.
لكنّ جبريل، يكشف أيضًا عن زرع قوّات الاحتلال كاميرات مراقبة داخل المنازل في حملات الاقتحام والمداهمة المتكررة للبلدة.
ويضيف: بأنّ المواطنين تمكنوا من كشف كاميرات سرّية وضعتها قوّات الاحتلال داخل أحد المنازل، مشيرا إلى أنّ الأمر يحمل خطورة كبيرة، على حياة المواطنين في حال تمكن الاحتلال من زراعة كاميرات أخرى في منازل المواطنين.
ولا يقتصر استهداف الاحتلال للبلدة على حادثة قتل الشهيد قصي العمور، ولا على الاستفزازات اليومية، بل تتعدّى هذا الأمر إلى منع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم القريبة مستوطنتي هي "تكواع" و"نوكديم".
بدوره، يقول المواطن أبو خليل أحد مزارعي البلدة لصحيفة "فلسطين": إنّ المستوطنين برفقة جيش الاحتلال، باتوا يحاصرون معظم الأراضي الخاصّة، القريبة من المستوطنات، ويحولون دون وصول أصحابها، ويستهدفون المزارعين بالضرب، ويحاولون إخلاءهم منها تحت قوّة السّلاح.
ويتوقع المواطن أبو خليل أن يحاول الاحتلال من خلال إخلائه الأراضي المحاذية للمستوطنات، والحيلولة دون أيّة أنشطة زراعية فيها العمل على ربط هذه المستوطنات مجتمعة، وبالتالي مصادرة أكبر قدر ممكن من مساحات هذه البلدة الزراعية، وتدمير مصادر رزق العائلات، وإغلاق الآفاق أمام توسّعاتها.