قائمة الموقع

​مخيمات العودة .. لوحة نضالية في مقارعة الاحتلال

2018-09-30T07:03:12+03:00
صورة أرشيفية

ما إن تبدأ عقارب الساعة الثالثة من كل يوم جمعة، حتى تبدأ معالم الطرق والشوارع الشرقية لقطاع غزة، تتغير شيئا فشيئا وتمتلئ بالحافلات والعربات المحملة بالمواطنين المشاركين في فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار التي انطلقت في 30 مارس/ آذار الماضي.

اكتظاظ يكاد يكون غريبًا على المناطق الشرقية القريبة من السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948م والتي طالما اعتادت على الحركة القليلة، إذ باتت تقصدها الحافلات من أرجاء القطاع ودون أي توقف ولو للحظة واحدة، مشكلين جسرًا بشريًا يمتد تباعًا حتى نقطة الالتحام والتماس الأولى مع جنود الاحتلال وآلياته العسكرية.

وعلى وقع استمرار الحشد الجماهيري المتدفق في الوصول لنقاط التماس، حتى ينطلق الشبان في إلقاء الحجارة وإشعال إطارات السيارات (الكاوشوك)، والتي ترسم بدخانها غيمة سوداء عريضة لا يشق لونها سوى لون قنابل الغاز البيضاء السامة التي تتساقط فوق رؤوس المحتشدين وبين جنبات المخيمات.

ولا يتوقف لهيب النيران المندلعة من إطارات (الكاوشوك) التي يحرص الشبان على إشعالها قرب السياج ليمر دخانها من فوق رؤوس جنود الاحتلال وثكناتهم، فيما لا يتوقف إمدادها بإطارات أخرى مع قرب انتهاء شعلتها ودخانها بحسب تعليمات فرقة (وحدة الكاوشوك).

وغالبا ما يقصد الشبان من وراء إشعال الإطارات "التعمية" على حركتهم من قناصة الاحتلال، ليتمكنوا من رشق الحجارة وقص السياج الفاصل بأمان، لكن جنود الاحتلال يطلقون نيران أسلحتهم وقنابلهم بشكل همجي.

ولا يتوقف المشهد الواسع للجمهور المحتشد المتنوع من كبار السن والشباب والنساء والفتية والأطفال والشابات عن رسم معالمه إذ إنّ اللوحة العامة الملتحمة لا تتوقف حتى ساعة غروب الشمس، لتواصل جماهير أخرى فعالياتها السلمية ضمن "وحدة الإرباك الليلي".

وعلى الطرف الخلفي لمنطقة التماس، التي يلتحم فيها الشباب الثائر مع جنود لاحتلال، تبدو حياة أخرى، ومشهدًا نضاليًا جميلًا آخر، حيث الخيمة المركزية للفعاليات الجماهيرية، وخيم أخرى دون على كل منها اسمُ البلدات والقرى المحتلة، وخيم للجمهور الذي ينظم على متنها الحفلات الوطنية الداعمة لمسيرة العودة، والمؤبنة لشهدائها.

وإلى جانب هذا المشهد، مرافق خاصة لمتطوعي الفرق الاسعافية الخاصة بإسعاف وإنقاذ الجرحى والمصابين، والتي تعمل كخلية النحل يمنة ويسرة حاملين في أيديهم الأدوات البسيطة، والمحاليل المخففة من تأثير الغاز المسيل للدموع.

وينشغل الباعة على جوانب مخيمات العودة وعلى عربات متنقلة في بيع المأكولات والمياه والعصائر، غير أن كل واحد منهم وضع مذياعا خاصا جواره يصدح بالأناشيد والأغاني الثورية الخاصة بمسيرات العودة وانتفاضة القدس والأقصى ودون أي توقف ولو للحظة واحدة لترسم مشهدًا فلكوريًا نضاليًا.

ومع بدء غروب الشمس، وبدء إشعال الجيبات العسكرية المنتشرة جوار السياج ، تبدأ الجموع في تشكيل سيل بشري جديد متجهًا نحو الحافلات والسيارات والعربات التي قدموا عبرها، وفي كلمة موحدة "موعدنا هنا: الجمعة القادمة".

اخبار ذات صلة