قائمة الموقع

مسيرة العودة أحيت القضية الوطنية وأشغلت الاحتلال

2018-09-29T06:44:30+03:00
مواطنون يشاركون في مسيرة العودة (تصوير / رمضان الأغا)

استنزاف "للمؤسسة الأمنية" للاحتلال الإسرائيلي وإرباك لحساباته ورفع لكلفته، هذا بعض ما تحققه مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية المستمرة في قطاع غزة منذ 30 مارس/آذار الماضي، بحسب مسؤولين ومراقبين.

جماهير حاشدة تزحف باتجاه السياج الفاصل بين القطاع المحاصر منذ 12 سنة، وفلسطين المحتلة سنة 1948 ضمن فعاليات المسيرة، إضافة إلى الحراك البحري، بينما يستخدم الاحتلال العنف عبر الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع بمواجهة المشاركين في المسيرة السلمية، ما أسفر عن استشهاد وإصابة الآلاف بينهم صحفيون ومسعفون.

طرحت مسيرة العودة قضية حصار غزة وحق العودة على جدول الأعمال، وهي تمثل الجذوة التي جعلت هذه القضية مشتعلة على مدار هذه الفترة، بحسب النائب العربي السابق في الكنيست الإسرائيلي، طلب الصانع.

ويصف الصانع في حديث مع صحيفة "فلسطين"، مسيرة العودة بأنها "بغاية الأهمية"، وهي تشمل الجديد والتجديد من حيث المشاركة الشعبية الجماهيرية الواسعة، مبينًا في الوقت نفسه أهمية مواكبة المستجدات الدولية من أجل ضمان الاستمرارية والحد من المبررات والذرائع التي تستخدمها قوات الاحتلال للاعتداء على المشاركين في المسيرة أو الصحفيين.

ويقول الصانع: إن مسيرة العودة أحرجت حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، التي كانت تسعى لجعل القضية الفلسطينية على الهامش، فجاءت هذه المسيرة لتضع القضية على جدول الأعمال، وهذا أمر مهم.

ويضيف أن المسيرة لم تعطِ فرصة "لليمين الإسرائيلي" ليزعم أنه نجح في تصفية القضية الفلسطينية وتغييب المقاومة الشعبية، مبينا أن مسيرة العودة تمثل جوهر هذه المقاومة.

وينبه الصانع إلى أن "المجتمع الإسرائيلي يقع تحت تأثير خطاب وإعلام يميني".

ويؤكد أن استمرار مسيرة العودة سيؤدي إلى كسب المزيد من المؤيدين للحراك المطالب بإنهاء الحصار والاحتلال.

وعن تأثير المسيرة على الاحتلال خارجيا، يوضح النائب العربي السابق في الكنيست، أن الموقف الأوروبي ليس على المستوى المطلوب، لكنه أثار قضية الحصار والمعاناة، بينما الولايات المتحدة منحازة كليا لـ(إسرائيل).

ويلفت الصانع إلى أن المجموعة الأوروبية تحاول أن تطرح قضية حصار غزة من الباب الإنساني متجاهلة أن الحصار السياسي هو السبب في الأزمة الإنسانية بغزة.

"تشويش"

من جهتها، تؤكد أستاذة العلوم السياسية د. آمنة بدران، أن مسيرة العودة "تشوش" على مساعي الاحتلال إلى فرض السيطرة الكاملة، مبينة أن غزة تقول لـ(إسرائيل): لا يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه.

وتقول بدران لصحيفة "فلسطين": إن تراكمية نتائج مسيرة العودة والعمل الوحدوي يضمن وجود ثمار لذلك.

وتشير المحللة السياسية إلى محاولات الاحتلال وصم أدوات المقاومة الجماهيرية كالبالونات بما تسميه "الإرهاب" أمام العالم.

وتوضح أن المجتمع الإسرائيلي "يتجه نحو اليمينية والتطرف"، ولا يطالب بحل لحصار غزة، بل يقول لمسؤوليه أن يحرقوها ويشدد الحصار عليها.

وتضيف إن ما يسمى "اليسار الصهيوني" منافس في مواقفه لما يسمى "اليمين الصهيوني"، وهما متطرفان بما يكفي ليلوموا الضحية الفلسطيني عندما تقول للجلاد الإسرائيلي: كفى.

وتقول بدران: إن الذي يحدث التغيير هو القوة، فالسياسة تقاد بالقوة، والعالم يمكن أن يندد بجرائم الاحتلال لكن لا أحد فيه سيحرك الجيوش؛ لا الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي، ووحدها القوة الداخلية تنعكس خارجيا.

من جانبه، يوضح عضو الهيئة القيادية العليا لمسيرة العودة ماهر مزهر، أن المسيرة جاءت لتعزيز النضال الوطني الفلسطيني لكنس الاحتلال وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني بالحرية والعودة والاستقلال.

ويقول مزهر لصحيفة "فلسطين": المسيرة تأتي في ظل "تآمر من ذوي القربى والأعداء" وفي ظرف صعب ومعقد، مضيفا أنها جاءت في الوقت المناسب لتحيي حلم العودة لدى ملايين اللاجئين الفلسطينيين.

ويشدد على أن مسيرة العودة تربك "حسابات العدو" وترفع من كلفة الاحتلال، مبينا أنها تزيد من استنزاف المؤسسة الأمنية الاحتلالية والضغط عليه، لتوصل رسالة بأنه كما اندحر من قطاع غزة في 2005 فستأتي اللحظة المناسبة ليندحر من بقية فلسطين، وأنه يجب عليه كسر الحصار المفروض على القطاع منذ 12 سنة.

كما أنها رسالة للمستوطنين الذين يتواجدون في محيط غزة، بأنهم سيرحلون عاجلا أم آجلا ولن يحظوا بالأمن ولا الأمان ولا الاستقرار، بحسب مزهر.

ويبين أن الرسالة الأخرى هي أنه رغم كل العدوان والآلام وارتقاء الشهداء والجرحى، فإن الشعب الفلسطيني لا يزال يملك مخزونا نضاليا وكفاحيا وإذا انفجر لن يكون هذا الانفجار إلا في وجه الاحتلال.

ويرى أن المسيرة أحيت القضية الوطنية عبر وضعها على طاولة كل المؤسسات الدولية، لافتا إلى زيارات وفود وشخصيات للقطاع بشأن هذه المسيرات التي تشكل حالة من "استنزاف العدو المجرم".

ويؤكد أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يمكن أن يتراجع إلا بمزيد من الضغط ورفع كلفته واستنزافه، وليس عبر المفاوضات العبثية واتفاقيات أوسلو التي استمرت لما يزيد عن ربع قرن، واصفا نهج أوسلو بأنه "عبثي تفريطي".

وبحسب مزهر، توصل المسيرة أيضا رسالة بأن الشعب الفلسطيني لن يقبل أن تكون القدس المحتلة "عاصمة" لـ(إسرائيل)، وأن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهذا الشأن لا يساوي الحبر الذي كتب به.

وأخيرا، يتمم بالتشديد على ضرورة وقف السلطة رهانها "سواء على المفاوضات العبثية أو على الإدارة الأمريكية"، وأن ترفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة، وتطبق الاتفاقات الموقعة وفي مقدمتها عقد مجلس وطني توحيدي.

اخبار ذات صلة