عند انطلاق شرارة انتفاضة الأقصى كانت المدن والقرى الفلسطينية قلاعًا لحماية المقاومين، فمنها ما صمد ما يزيد على 17 يومًا ورفض التنازل لقوات الاحتلال الإسرائيلي، رغم الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى حينها، هذه المدن والقرى اشتهرت بقوتها وصلابتها في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وأثبتت فوزها عليه في تلك المعارك الحاسمة.
رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النجاح د. رائد نعيرات قال: "في انتفاضة الأقصى كنا نطلق على بعض المدن الفلسطينية مصطلحات جميلة، فمدينة نابلس -على سبيل المثال- أطلقنا عليها اسم "عش الدبابير"، لكثرة العمليات الاستشهادية التي كانت تخرج منها".
وبين نعيرات لصحيفة "فلسطين" أن معركة الصمود التي كان يخوضها أهالي جنين في انتفاضة الأقصى أرسلت رسالة إلى الاحتلال أن ليس من السهولة احتلال الضفة الغربية.
وذكر من المخيمات الفلسطينية التي اشتهرت أيام انتفاضة الأقصى: بلاطة والجلزون والدهيشة، فقد كان لها دور بارز في هذه الانتفاضة، وكان حجم المقاومة فيها كبيرًا.
وكان من أبرز أحداث انتفاضة الأقصى اجتياح مخيم جنين، ومقتل قائد وحدة الهبوط المظلي في جيش الاحتلال، و58 جنديًّا، وإصابة 142 آخرين في المخيم، كما أفاد نعيرات.
وأضاف: "مع مشاهد المقاومة في منطقة جنين لم يستطع جيش الاحتلال أن يحقق أهدافه فيها"، لافتًا إلى أن الاحتلال حاصر المدينة 17 يومًا واجه فيها مقاومة صلبة.
من جهته قال المقاوم شريف طحاينة لصحيفة "فلسطين": "اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عقب اقتحام مجرم الحرب أرييل شارون في 28 أيلول (سبتمبر) 2000م باحات المسجد الأقصى، تحت حماية نحو ألفين من الجنود والقوات الخاصة، بموافقة من رئيس حكومة الاحتلال في حينه إيهود باراك، فوقعت مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال".
وأضاف: "تجوّل شارون في ساحات المسجد، وزعم أن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية، ما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين وجنود الاحتلال، واستشهد سبعة فلسطينيين وجُرح 250 آخرون، وأصيب 13 جنديًّا إسرائيليًّا".
وأشار طحاينة إلى أن تركيز انتفاضة الأقصى كان في المدن, كونها مناطق تابعة للسلطة الفلسطينية، وهذا شكل نوعًا من الاستقرار الحذر للمقاتلين والمنتفضين.
تابع قوله: "بدأت انتفاضة الأقصى بالتظاهرات الشعبية عند نقاط الاحتكاك مع جيش الاحتلال وكانت هناك خسائر كبيرة بين المتظاهرين، ما دفع بعضهم إلى التفكير في تقليل الخسائر بين الفلسطينيين، وزيادتهالدى الاحتلال, ما أدى إلى بداية عمليات إطلاق النار والتفجيرات والعمليات الاستشهادية".
أما المدن والقرى الفلسطينية التي اشتهرت في تلك المدة فذكر طحاينة منها مدينتين حصلت فيهما مقاومة مميزة: نابلس تحديدًا البلدة القديمة، وجنين تحديدًا مخيم جنين.
وبين أن معركة مخيم جنين كانت الأشد إذ استمرت أيامًا، ولم يستطع الجيش الإسرائيلي حسم المعركة إلا بهدم جزء كبير من البيوت، مضيفًا: "حوصر المخيم من جميع الجهات، واستخدمت الدبابات والطائرات, وكان القصف يتواصل ليل نهار".
ختم طحاينة حديثه: "الذي شجع المقاومين على الثبات في تلك المدة الإرادة القوية التي كانوا يتسلحون بها".