قائمة الموقع

​غياب المال يطرد الأمان الأسري

2018-09-27T08:36:48+03:00
الاستقرار يدفع الإنسان ليفكر بأشياء ومتطلبات أخرى

يطبق حصار الاحتلال الإسرائيلي على أنفاس أهالي قطاع غزة منذ ما يقارب السنوات الاثنتي عشرة، ونجم عنه تردي المناحي الحياتية كافة، وعلى رأسها الأحوال والأوضاع الاقتصادية في غزة، وفرص العمل.

وإن وجدت فرص العمل يتأخر صرف الرواتب، أو تقطع، أو تصرف نسبة منها، كذلك تأثرت الحياة الاجتماعية، والنفسية، فوصل الحال ببعض الأسر الغزية إلى أنها أصبحت مهددة بالطرد من مساكنها بسبب عدم تسديد إيجارات المنازل، وهي نتيجة طبيعية للظروف الاقتصادية، ما يؤدي إلى غياب أدنى معاني الأمان الأسري.

الاختصاصي النفسي زهير ملاخة قال: "غياب المسكن يعني غياب أدنى معاني الأمان النفسي والاستقرار الأسري والاجتماعي، وينتج عنه حالة من مشاعر الضياع والخوف والقلق، ومزيج من المشاعر السلبية التي تعصف بالأسر المهددة بالطرد من مساكنها نتيجة الظروف الاقتصادية".

وأضاف: "وينتاب تلك الأسر حالة من التشرد ومشاعر الحسرة والألم النفسي لشعورها بعدم المقدرة على تأمين المسكن، فتظهر آثار سلبية، تنعكس على الاستقرار الذهني والنفسي، وتختفي معاني السعادة والتفاعل الاجتماعي والرغبة في العمل والتطوير".

وذكر ملاخة أن تلك الأسر يظهر عليها حالة من الغربة عن الآخرين، يشعر بها أرباب الأسر وعوائلهم بسبب حالهم السيئ، ومعاملة الآخرين لهم، وربما تتكون مشاعر الكراهية والحقد لديهم، ونعتهم للمجتمع والآخرين بالظلم.

وأشار إلى أن أكثر الفئات تأثرًا هم الأكثر وعيًا وفهمًا وإدراكًا، فتظهر عليهم حالة من الضغط وتحمل المسؤولية والأسى، والحزن ينتاب القلب للحال الذي يحياه، والطفل يتأثر بحالة عدم الاستقرار والأمان، وقد تظهر عليه مشاعر الألم النفسي، ومشاعر الدونية والحرج، لافتًا إلى الحديث الذاتي السلبي الذي يعيش فيه الشباب والأطفال في ظل الحال الصعب، بسبب كونهم لا يجدون مسكنًا يؤويهم.

تابع الاختصاصي النفسي حديثه: "لذلك تجده أقل ثقة بنفسه، وأقل تفاعلًا، وقد يشعر بعض بالدونية عن أقرانه، بسبب التهديد الدائم بالطرد في أي لحظة، أو شعور الخوف الذي ينتابه دائمًا لعدم وجود مسكن، وكل ذلك كفيل بانعدام مشاعر السعادة".

ولفت إلى أن الاستقرار يدفع الإنسان ليفكر بأشياء ومتطلبات أخرى وحقوق واجبات، منها التربية، واكتساب المزيد من المهارة، وحسن البناء، والعمل، والارتقاء بكل جوانب الحياة، لذلك وجب للحفاظ على تماسك المجتمع، ونشر الأمان والحب والاستقرار فيه العمل والاجتهاد لتوفير أمان المسكن والاستقرار.

ونبه ملاخة إلى دور المسئولين في إيجاد فرص العمل، وحلول خلاقة لمعالجة حالات الفقر أو التشرد، لتحقيق معالم الاستقرار والمساندة الدائمة ونشر ثقافة التكافل، حتى تشعر تلك الأسر بأن الدنيا ما تزال بخير، والمسلم أخ للمسلم، وأن حق الإنسان في الحياة مقدس وواجب تقوم عليه الدولة والمجتمع، حتى لا تنتشر الآفات وتتبدد القيم.

وبين أن التهديد بالطرد أو الطرد نفسه يؤديان إلى غياب الأمان والاستقرار، الذي يهدد النظم الاجتماعية والقيمية والأخلاقية لدى الفرد والمجتمع، لأن آثار وانعكاسات ذلك وخيمة وصعبة تدفع أصحابها إلى التفكير بوسائل وطرق سلبية خطأ.

وبين الاختصاصي النفسي أن التخلص من هذه الآثار والانعكاسات يتحقق بالعمل والاجتهاد لتوفير مسكن آمن وحياة آمنة للأسر الغزية، والتكافل والتعاضد ووقوف الجميع عند مسؤولياته الأخلاقية تجاه الآخرين، إلى جانب دور الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في تحسين أوضاع الآخرين، ونشر الأمان المجتمعي والأسري بتوفير حق الحياة وحق المسكن.

اخبار ذات صلة