منذ قرابة الخمسة أشهر، تجد الحاجة الستينية أم محمود توفيق صعوبة بالغة في الحصول على الأدوية الطبية اللازمة للتغلب على داء السكري المزمن من عيادة الشيخ رضوان للرعاية الصحية الأولية غرب مدينة غزة، الأمر الذي يدفعها في غالب الأحيان لشرائها على نفقتها الخاصة وبسعر أغلى من الذي توفره وزارة الصحة بعيادتها.
وتواجه مراكز الرعاية الصحية الأولية في قطاع غزة، والبالغ عددها 54 مركزا موزعة على جميع محافظات القطاع الخمس، نقصًا حادًا في أصناف الأدوية الأساسية لمختلف الفئات العمرية، إذ سبق وأن أكدت وزارة الصحة أن أزمة نقص الأدوية والمستهلكات الطبية ضربت مفاصل مهمة بالمنظومة الصحية بكل مكوناتها بالقطاع.
وتشير أم محمود إلى أنها عانت بداية في الحصول على دواء "السولفانيل" الذي يساعد البنكرياس في إفراز "الأنسولين"، وفي غضون أيام وصلت الأزمة إلى "مثبّطات ألفا-جلوكوزيداز"، مبينة أن أي اضطراب في تناول الجرعات العلاجية قد يؤثر بالسلب على النظام العلاجي بالكامل وفق البروتوكول المتعارف عليه.
وناشدت أم محمود في حديثها لصحيفة "فلسطين" مسؤولي وزارة الصحة برام الله لتحمل مسؤولياتهم الوطنية والإنسانية تجاه مرضى قطاع غزة، وعدم إدخال القطاع الصحي في أتون الصراع السياسي، وذلك في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية داخل القطاع المحاصر منذ أكثر من 11 عاما.
وتقدم مراكز الرعاية الصحية الأولية خدمات طبية عامة وتخصصية متنوعة من خلال عیادات الجلدیة، والسكري، والأطفال، والصدرية، والباطنة، والغدد الصماء، والمزمنة، والسارية، وكذلك الصحة النفسیة وصحة الأم.
بينما اشتكت المواطنة أم عمر الأمير من نقص بعض المستلزمات العلاجية الخاصة بطفلتها لمى _مصابة بمرض الربو_ تحديدا المتعلقة بالمضادات الحيوية التي تعمل على توسيع الشعب الهوائية وتسهيل عملية التنفس.
وتذكر أم عمر، أن نقص المضادات الحيوية في مركز الرعاية الأولية القريب من منزلها غرب مدينة غزة، يأتي بنتائج عكسية على مجريات الحياة اليومية لطفلتها لمى، الأمر الذي يضطرها للبحث عن مضادات بديلة في أماكن البيع الخاص.
مؤشرات خطيرة
مدير عام الرعاية الأولية بوزارة الصحة في غزة ماهر شامية أكد بدوره أن صيدليات مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في محافظات قطاع غزة باتت عاجزة عن تلبية الاحتياجات الدوائية والعلاجية للمرضى، مبينا أن خدمات الرعاية الصحية الأولية أصبحت على المحك مع اشتداد العجز في قوائم أدويتها الأساسية.
وقال شامية لصحيفة "فلسطين": "وصلت نسبة العجز لدى وزارة الصحة إلى 70% من قوائم الأدوية، فهناك 100 صنف غير متوفر بشكل تام من أصل 143 صنفًا، من بينهم 16 صنفا مهددا بالدخول بالقائمة الصفرية خلال شهر واحد إذ لم يتم تدارك الأزمة وتوريد الأدوية اللازمة إلى وزارة الصحة".
وأوضح شامية أن تلك "المؤشرات الخطيرة" حرمت ذوي الأمراض المزمنة كمرضى السكر النوعين الأول والثاني ومرضى الضغط وسيولة الدم، ومرضى القلب والربو والجلدية والعيون حرمتهم من احتياجهم الدوري الأساسية من الأدوية لأشهر متتالية، إضافة إلى أصناف مهمة من الأدوية والحليب العلاجي للأطفال.
وأشار شامية إلى أن انقطاع توريد الأدوية على مدار الأشهر الأربعة الماضية، تسبب بمضاعفات حادة لدى العديد من أصحاب الأمراض المزمنة، مؤكدا أن توريد الأدوية إلى قطاع غزة يقع على عاتق وزارة الصحة في رام الله، إذ يجب أن تتكفل السلطة بتوريد الأدوية لمراكز الرعاية الأولية والمستشفيات إما بالشراء المباشر أو عبر تبرعات الجهات الدولية المانحة.
وناشد شامية الجهات المعنية كافة والشريكة لعمل الرعاية الصحية الأولية لبذل جهود مركزة ومسؤولة من أجل إيجاد مخرج حقيقي لتلك الخدمات المهمة، وإنقاذ جملة البرامج والبروتوكولات الصحية من الخطر الذي يهدد الصحة العامة للمجتمع.