قلل محللان سياسيان من أهمية خطاب رئيس السلطة محمود عباس المزمع إلقاؤه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإمكانية خروجه بأي نتائج إيجابية مهمة على صعيد القضايا الوطنية المُلحة.
ورأى المحللان في حديثيهما مع "فلسطين"، أنّ رئيس السلطة فعليًا لا يمتلك أيا من أوراق القوة في جعبته، لينفذ خطوات يجابه بها مشروع الإدارة الأمريكية المتمثل في "صفقة العصر"، والتغول الإسرائيلي.
وبدأت أمس الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك دورتها الثالثة والسبعين، فيما سيلقي رئيس السلطة "عباس" خطابا على منصتها يوم غد الخميس، سيتطرق خلاله إلى علاقةالسلطة مع الإدارة الأمريكية و(إسرائيل) وغيرها.
ورقة التوت
ورأى المحلل السياسي محمود العجرمي أن عباس يذهب للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك دون أن تكون لديه حتى "ورقة التوت" تستره، وذلك بذهابه وحيدًا خالية يده من أوراق القوة المتمثلة في مساندة القوى الوطنية والإسلامية.
ولفت العجرمي وهو دبلوماسي سابق، إلى أن "عباس" مدعوم بفريق محيط صغير من حركة فتح، وحزبي الشعب والنضال اليساريين اللذين لا يمثلان سوى قيمة "صفرية" من الرصيد الشعبي والوطني، بينما يضع كل أوراقه في جيب الاحتلال الإسرائيلي باستمرار تمسكه باتفاقات "التسوية".
وقلل من أهمية ونتائج خطاب "عباس"، مشيرًا إلى أنّ الأخير ذاهب ليلقي خطابا "مكللا بالاستجداء وموصوما بالانحناء"، مضيفا أن عباس ذاته هو من قاد نفسه والسلطة إلى حالة الضعف التي تضربها.
ولفت العجرمي إلى أنّ رئيس السلطة عباس تحدث سابقا من على منصة الأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومؤسسات منظمة التحرير، ودون أن تكون هناك خطوات عملية لأي مما يقوله.
وأكد أن "عباس" ووفقا للواقع الملموس لا يقوى أن يقول لا للإدارة الأمريكية فيما يتعلق بتنفيذ صفقة القرن، منبها إلى أن "عباس" جزء أصيل من هذه الصفقة، وجوهر إنفاذها، مكملًا: "أي مراجعة لاتفاق أوسلو تكتشف هذا الأمر".
أي جديد
واتفق المحلل السياسي هاني البسوس مع سابقه العجرمي، حيث أكدّ أنّ خطاب رئيس السلطة "عباس" المزمع إلقاؤه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لن يخرج بأي جديد مجدٍ يصب في صالح القضية الفلسطينية أو رسم علاقة جديدة ما بين السلطة وإدارة واشنطن وسلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ورجح البسوس وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس، أن يحتوي خطاب "عباس" على "لهجة تصعيدية"، وتهديدًا باستخدام ورقة ما تجاه الإدارة الأمريكية والسلطات الإسرائيلية، لكن من دون أن ينفذها واقعيا، كوقف علاقته مع واشنطن، والانسحاب من الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف: "لو اتخذ ذلك فيعني أنه انتهى سياسيا"، مشددًا على أنّ رئيس السلطة الفلسطينية تحدث في خطاب مماثل في الأعوام السابقة، وجرى تصوير الخطاب على أنه "القنبلة" غير أن المتتبع لما بعده يلمس عدم وجود أداة تنفيذية لأي تهديد يسوقه.
ورأى البسوس أن رئيس السلطة لا شيء في جعبته يمكن أن يخرج منه ورقة يعلن عبرها تحديد أو تجميد علاقتها مع واشنطن و"تل أبيب"، فيما أنه يذهب لنيويورك غير مدعوم من قوى وفصائل الشعب الفلسطيني، ووجود ساحة شعبية فلسطينية داخلية موحدة ومتماسكة تقف وراءه.
وأوضح أن الحصيلة النهائية لخطاب عباس، لن تخرج سوى بفرقعة إعلامية لن تقدم أو تؤخر شيئا في مسار العمل السياسي، أو الوقوف في وجه "صفقة العصر" الأمريكية، مؤكدًا أن السياسة واقعيا لا تعتمد على الخطابات الرنانة أو لغة العواطف بقدر ما تعتمد على الفعل على أرض الواقع والتنفيذ.