دعا خبراء وسياسيون، إلى بناء "إستراتيجية فلسطينية بديلة" لمواجهة القرارات الأمريكية الأخيرة ضد الفلسطينيين، تركز على تصعيد المقاومة، والإسراع في إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الوطنية.
وحذر هؤلاء في أحاديث منفصلة لوكالة "الأناضول"، من "نكبة جديد" تحل بالشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن القرارات الأمريكية الأخيرة تدل على "تصميم واشنطن الواضح والقاطع لتصفية القضية الفلسطينية".
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للحكم في 2016، أصدر قرارات تنتهك الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتُشكل خطرًا حقيقيًّا على القضية الفلسطينية، أبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، ونقل السفارة للمدينة المحتلة، والعمل على تصفية وكالة غوث وتشغيل للاجئين "أونروا".
قرارات "غير منطقية"
أمين عام حركة المبادرة الوطنية ، د. مصطفى البرغوثي، وصف القرارات الأمريكية بـ"المؤسفة وغير المنطقية والعقابية".
وأوضح البرغوثي أنها تؤكد أن "فريق ترامب منحاز بشكل فاضح ومطلق للاحتلال الإسرائيلي، وينفذ ما يريده الأخير، ويدمر أي فرصة لاستمرار واشنطن في رعاية عملية التسوية".
وأضاف: "أدركنا بعد فشل اتفاق أوسلو (1993) أن المراهنة على الولايات المتحدة في غير مكانه، والمفاوضات مع حكومة (رئيس وزراء الاحتلال) بنيامين نتنياهو مصيرها الفشل".
ودعا البرغوثي إلى ضرورة بناء "استراتيجية فلسطينية بديلة"، تركز على "المقاومة الشعبية، ومقاطعة (إسرائيل)، والإسراع في إنجاز الوحدة الفلسطينية. "
"تصفية القضية"
مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، هاني المصري، رأى، من جهته، أن القرارات الأمريكية تدل على وجود "تصميم واشنطن الواضح والقاطع لتصفية القضية الفلسطينية".
واعتبر المصري أن على السلطة الفلسطينية التعامل مع هذه القرارات بجدية وبدراسة مُعمّقة، لا بقرارات متسرعة وطائشة، ما يضيع فرصة إحباطها"، لافتًا إلى ضرورة "توفير متطلبات أساسية لمواجهة القرارات الأمريكية والسياسيات الإسرائيلية".
ومستعرضًا بعض تلك المتطلبات: "أولها، إنهاء الانقسام، وإنجاز الوحدة، لتوحيد كل الطاقات الفلسطينية في مواجهة المخاطر العاصفة بقضايا أساسية ومصيرية مثل القدس واللاجئين".
وبالنسبة له، فإنه "في حال لم يحدث تغيير فلسطيني، فإننا سنسير نحو نكبة جديدة، تتمثل بضم الضفة الغربية لـ(إسرائيل)، وتهجير المزيد من الفلسطينيين، وتوطينهم بالبلدان التي يعيشون فيها أو تهجيرهم لبلد ثالث".
وشدد على أن "الشعب الفلسطيني قادر على المقاومة والتضحية، إذا كان هناك قيادة لديها الاستعداد والرؤيا لدفع الثمن المطلوب".
من ناحيته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بيرزيت" برام الله، جهاد حرب، أن واشنطن تحاول، عبر إجراءاتها، ابتزاز الفلسطينيين، لتوقيع صك الاستلام".
ولفت إلى أن الموقف الفلسطيني قادر على مواجهة الإدارة الأمريكية، إذا ما تسلح بدعم سياسي واقتصادي عربي، إلى جانب دعم دولي وخاصة من دول الاتحاد الأوروبي.
وشدد "حرب" على ضرورة إنهاء ملف الانقسام، مشيرًا إلى أن استمرار النهج الأمريكي ينبئ بتفجير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويؤدي لعدم الاستقرار".
"تطبيق صفقة القرن"
أما عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عباس زكي، فقال إن واشنطن "تدشن عهدًا جديدًا من التعامل مع القضايا".
واعتبر أن القرارات الأمريكية الأخيرة بمثابة "تطبيق فعلي لصفقة القرن (طرح أمريكي غير معلن بشأن القضية الفلسطينية) التي وعد بها ترامب".
وشدد زكي على ضرورة "إنهاء الانقسام الفلسطيني لمواجهة (إسرائيل) والولايات المتحدة".
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة، د. وليد المدلل، يرى أن قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي تسعى واشنطن لتصفيتها، هي "أخطر وأعقد من ملف القدس بكل ما يحمله من أهمية".
وتابع: "إذا تم إنهاء قضية اللاجئين، فإن واشنطن تكون قد فككت المشروع الفلسطيني لأنه قائم بالأساس على عودة اللاجئين".
وتوقع المدلل أن تذهب الإدارة الأمريكية بـ"شكل متدرج في ملف اللاجئين؛ وذلك لما تحتاج إلى عملية معالجته من وقت بفعل تعقيداته".
واستطرد أن "تفكيك موضوع اللاجئين يبدأ بوكالة "أونروا"، ومرورًا بإعادة تعريف اللاجئ، وفرض نوع من توطين اللاجئين في البلاد التي يقيموا فيها الآن، هذا الكلام سيؤدي إلى تفكيك قضيتهم، لكن من سيقبله؟".
وتشهد "أونروا" أزمة مالية خانقة عقب قرار واشنطن قطع مساعداتها بالكامل للوكالة الأممية.
من جانبه، استبعد الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، قدرة واشنطن على تصفية قضية اللاجئين.
وقال: إن "السياسة الأمريكية وقراراتها لن تنفّذ بالضرورة، والأمم المتحدة ستبقى متمسكة بالقرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، باعتبارها تحصين للمرجعية القانونية للحقوق الفلسطينية".
واعتبر عوكل أنّ "ملف اللاجئين جزء من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المفتوح، والذي لا يمكن إلغاؤه بقرارات أمريكية. "
غير أن الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى إبراهيم، يعتقد أن واشنطن قد تنجح في الضغط على بعض الجهات الأوروبية والدولية لإقناعها بعدم دعم "أونروا".
وقال: "إذا استمر الحال بهذا الشكل، فسيكون ترامب قادرًا على التأثير على "أونروا"، ويضغط على جهات دولية وأوروبية أخرى لوقف تمويل الوكالة أو للموافقة على خططه".
واعتبر إبراهيم أن "70 عامًا من الاحتلال والنكبة لم تستطع (إسرائيل) خلالها تصفية قضية اللاجئين، لكن ما نعيشه اليوم يشبه إلى حدّ كبير ظروف النكبة".