فلسطين أون لاين

​الشيخ صلاح يتحدث عن تفاصيل 9 أشهر داخل السجن

...
الشيخ رائد صلاح
غزة- يحيى اليعقوبي

لم تكن حياة الشيخ رائد صلاح في العزل داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي طيلة تسعة أشهر، عادية بل ألف خلالها أربعة كتب وقرأ أكثر من 80 كتابا، ونظم 23 قصيدة، سينشرها خلال الأيام القادمة "لينتفع بها الآخرون".

والشيخ هو قيادي إسلامي فلسطيني، ترأس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني منذ التسعينيات، حتى حظرها الاحتلال في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2015.

وسُجن مرات عديدة، كان آخرها بتاريخ 8 أيار/ مايو العام الماضي لقضاء حكم بالسجن لتسعة أشهر، بعد إدانته بـ "التحريض على العنف"، في خطبة يوم الجمعة في "وادي الجوز" بالقدس المحتلة، قبل عشر سنوات، وأُفرِج عنه الثلاثاء الماضي.

وتعرّض لمحاولات اغتيال عديدة كان أبرزها ما جرى على متن سفينة مرمرة التركيّة أثناء توجهها إلى غزة للمساهمة في كسر الحصار.

لماذا رفض مقابلة نتنياهو؟

الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، يكشف لـ"فلسطين" عن تفاصيل عاشها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، فيقول عن قصائده التي نظمها: إنها "كانت متعلقة بالجانب الروحاني، ومنها القصائد التي تتحدث عن مأساة القدس والمسجد الأقصى، وعن صمود الشعب الفلسطيني، وعن الربيع العربي، والفجر الإسلامي القريب الذي لا نشك فيه".

وبخصوص الكتب، فبين أن "أحدها بعنوان (الحياة في السجن معزولا)، سأتحدث فيه بالقدر الذي استطعت أن أعيشه وأدركه عن حياة المعزولين من شعبنا الفلسطيني، وما هي المعاناة التي تمر عليهم وعلى أهلهم كرؤية واقعية عشتها، وتعرفت على حياة سائر الأسرى المعزولين الذين كانوا معي".

"هناك كتاب سيكون بعنوان (مطاردٌ مع سبق الإصرار) سأسرد فيه المواقف التي طوردت فيها الحركة الإسلامية بمختلف الصور على الصعيد المحلي والخارجي، أما الكتب الأخرى تدور في قضايا دينية وسياسية".. انتهى صلاح من الحديث عن كتبه.

لماذا لم تقابل بنيامين نتنياهو؟، يردّ: "كان العرض لمقابلته من مخابرات الاحتلال الإسرائيلي عندما أجرت تحقيقا معي بمركز المحاكم العسكرية المعروف باسم (سالم)، القريب من مدينة جنين".

فيوضح: "قالوا لي أنت تتحدث عن أمور مهمة، ونريد أن نرتب لقاءً لك مع نتنياهو، فقلت لهم لست على استعداد، فاقترحوا ترتيب لقاء مع وزير داخلية حكومة الاحتلال (ارييه درعي) فقلت لهم لست على استعداد لسبب بسيط أني لا أثق فيهم".

ولا يفر "الشيء المميز" الذي لمسه الشيخ صلاح داخل السجن من حديثه، فيقول: "النقطة المميزة التي كانت في هذه الفترة من سجني هي الحوار عبر النوافذ البعيدة مع الكثير من الأسرى السياسيين المعزولين، تعرفت على همومهم ومعاناتهم وصمودهم وهذا ما فتح لي بابا أن أكتب كتابا من ضمن الكتب الأربعة عنهم".

"لمست في الأسرى السياسيين العجب".. بهذه العبارة يبدي الشيخ صلاح فخره بمن مكث معهم طوال فترة اعتقاله، ثم يبين: "من تعرفت عليهم كان أقلهم محكوما مؤبدا واحدا، والبعض تسعة مؤبدات، وهناك من أمضى عدة سنوات في العزل الانفرادي، ومع ذلك عندهم يقين يتجدد كل يوم بأنه سيُفرج عنهم غدًا، وهم يتابعون الأحداث السياسية في الخارج، بما في ذلك الحديث عن صفقة تبادل جديدة، وهم متفائلون جدا بذلك".

فرصة للمتطرفين

ويعلق الشيخ صلاح على قرار الإفراج عنه قبل ساعتين من الموعد المحدد، قائلا: " من اتخذ القرار اتخذه بناء على (غباء بامتياز) أو كان يبيت نية خبيثة، فظن أني عندما أتنقل لوحدي من مدينة لمدينة أو من سيارة لأخرى، فقد يكون هناك فرصة لبعض المتطرفين في المجتمع الإسرائيلي لإلحاق الأذى بي".

ويسترسل: "هذا ما كُتب على بعض المواقع العبرية، إذ قالوا إنني أتواجد بلحظة معينة في قرية (كريات ملاخي) العبرية، وكتب أحد المعلقين من المجتمع الإسرائيلي هذه أحسن فرصة لتصفيته، ودارت الأمور بهذا الاتجاه".

ويجيب عن سؤال "فلسطين": إن كان هدف الاعتقال ثنيه عن الدفاع عن القدس "تلك المحاولات بدأت فاشلة، ولن تكون أكثر من ذلك"، مؤكدا " نحن شعب له ثوابته الدينية والوطنية ولا يمكن أن نتنازل عنها، لأن هذا انتحار في مسيرة حياتنا، والانتحار حرام".

وكما يؤكد الشيخ صلاح فإنه لا مفاوضات على الثوابت، ولا على المسجد الأقصى ولا على القدس ولا على حق العودة ولا على أسرى الحرية السياسيين من الشعب الفلسطيني.

حالة الداخل المحتل

ويصف الشيخ صلاح الحالة الحالية للداخل المحتل بأنها "إحدى الأهداف الخبيثة في ميزان المؤسسة الإسرائيلية، التي تظن أنها قد تنجح بدفع فلسطينيي الداخل للتنازل عن ثوابتهم أو للتفكير بالتفاوض عليها".

وأقوى رد على تلك النوايا، وفقًا للشيخ صلاح، هو الثبات دون أدنى استعداد للتفاوض عليها إطلاقا مهما كلف الثمن.

وأهم عوامل الثبات، تبعا لقوله، البقاء على وحدة الحال في كل الداخل الفلسطيني، وعلى وحدة الموقف في مواجهة العنصرية الإسرائيلية، وعدم السماح لأي ظاهرة بتفكيك هذه الوحدة، أو التفاوض عليها، ورصّ الصف الفلسطيني في الداخل.

المزاعم الإسرائيلية تتحدث عن انتهاء الحركة الإسلامية، فما رأي الشيخ صلاح في ذلك؟ أجاب واثقا: "نحن أصحاب حق ولا يمكن التنازل عنه، والظلم الإسرائيلي لا يمكن أن ينتصر علينا في يوم من الأيام".

ويعلق على ما جرى في قرية أم الحيران أول من أمس: "كل الحكومات الإسرائيلية المختلفة، كانت قد أعلنت حربا على أهلنا في الداخل الفلسطيني، وحكومة نتنياهو الحالية تواصل إعلان هذه الحرب وتظن أنها قد تنجح بفرض هزيمة علينا حتى نرفع الراية البيضاء".

ويوضح: "لذلك تواصل حكومة نتنياهو سياسة الاعتداءات المكثفة على الداخل المحتل على صُعد مختلفة، كتنفيذ حكم الإعدام الميداني كما جرى مع الشهيد يعقوب أبو القيعان، وتهديد قرية عرعرة الواقعة قرب حيفا، فضلا عن المطاردات الأمنية ضد الحركات السياسية المختلفة وقياداتها، إضافة إلى سلسلة اعتقالات متواصلة ضد كل عشاق المسجد الأقصى"، مؤكدا: "كلها إجراءات باطلة ولن تهزمنا وسنبقى على العهد مع أرضنا وبيوتنا ومقدساتنا".