تقف المسعفة المتطوعة شروق مسامح على أحد مداخل مخيم العودة ببلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، مرتديةً ثوبها الأبيض، وفي يديها محلول ملحي، ترقب تجمهر المتظاهرين السلميين المشاركين بمسيرة العودة وكسر الحصار، ومسيرهم نحو السياج الفاصل بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948.
ورغم حالة التعب والألم التي تظهر على محياها، وحاجتها للراحة، بعد إصابتها الخطيرة برصاص الاحتلال قبل أسبوعين شرق مدينة رفح، أثناء محاولتها إسعاف أحد جرحى المسيرة، إلا أنها أصرّت على تلبية "نداء الواجب" والعودة مجددًا لإغاثة المصابين دون خشية من إمكانية حدوث مضاعفات على صحتها.
تقول مسامح لصحيفة "فلسطين": "قدمت للعمل والتطوع مجددًا لأضمد جراح أبناء شعبي في مسيرة العودة وأقف إلى جوارهم، وهو مشوار بدأته، وسأكمله حتى النهاية، ودائمًا سأكون إلى جانب شعبي المظلوم".
وتشير مسامح إلى أنها أصيبت أثناء عملها في إسعاف الجرحى بمسيرة العودة منذ انطلاقتها مرتين قبل إصابتها الخطيرة الأخيرة، وفي كل مرة كانت تنهض بعد أخذها قسطاً قليلاً من الراحة، وتعود مجدداً للتطوع في إسعاف الجرحى.
ولا تبدي أي خوف أو خشية من إمكانية استهداف جنود الاحتلال لها مجددًا، مضيفةً: "لست خائفة مطلقاً، ولن يرهبني رصاص الاحتلال ولا دباباته ولا طائراته، رغم أن الرصاصة التي أصبت بها كانت قاتلة، أوصلتني للموت لكن نجوت بفضل الله".
وتبدي غضبها الشديد من تعمد استهداف جنود الاحتلال للطواقم الإسعافية بشكل مباشر، رغم ارتدائهم المعاطف البيضاء، والشارات اللازمة، وعدم حملهم بأيديهم سوى المحاليل، وحمالات الجرحى، مؤكدة أن عملهم إنساني بحت.
وتؤكد المسعفة مسامح أن استهداف جنود الاحتلال لها أو أي من الطواقم الطبية أثناء عملهم بشكل مباشر بالرصاص والغاز، يثبت للعالم أجمع جرائم هذا المحتل، وضرورة محاسبته ومعاقبته.
وتروي عن حادثة إصابتها كشاهد حي على جرم الاحتلال، قولها إنها كانت تهُم بإنقاذ شبان أصيبوا بنيران الاحتلال شرق رفح، ليباغتها جنوده برصاصة حية مباشرة في صدرها، وقد اخترقت الرئة، وخرجت من ظهرها، محدثةً ثقباً واسعاً، وهو ما جعل حالتها تحت وقع الخطر الشديد.
وتتابع: "بدأنا مشوارنا سلميًّا في إسعاف جرحى مسيرة العودة، ولا نشكل أي خطر على الاحتلال، ورغم ذلك يستمر في استهدافنا بالرصاص"، لافتةً إلى أنها شاهدة على جرائم عدة اقترفت بحق المسعفين والطواقم الطبية.
وتصر "مسامح" على أن رصاص الاحتلال ضد الطواقم الطبية أثبت عدم نجاعته، وفشل في تحييد هذه الطواقم وإبعادها عن مد يد العون والمساعدة للمصابين والجرحى في المسيرة.
وتبدي فخرها بعمل الطواقم الطبية التطوعية، التي تعمل تحت راية الواجب الإنساني الوطني في معالجة وإسعاف جرحى مسيرة العودة منذ انطلاقتها في 30 مارس/ آذار الماضي، والذين منهم من قدم روحه أثناء العمل كما كان الحال مع زميلتها رزان النجار، التي تم استهدافها برصاصة قناص إسرائيلي، كان يرى تماماً أنها ليست إلا مسعفة بين صفوف المواطنين.