فلسطين أون لاين

​رعاية المرأة بعد الولادة "النفاس"

...
بقلم / د.عوني عطا الله

مرحلة حيوية ومهمة تبدأ في حياة المرأة التي وضعت وليدها ولا سيما التي ليست لديها خبرات في هذا الميدان مما يشغل اهتمامها وتقف منه موقف التفكير أثناء الحمل ويعرضها للحيرة بعد الولادة وبخاصة إذا واجهتها مشكلات؛ ولكن لا مشكلات على الإطلاق إذا ما تعرفت المرأة الوالدة على أهم الأسس التي تسير عليها بعد الولادة وهي كما يلي:

الغذاء خلال النفاس:

بعد أن تلد المرأة فإنه لم تعد هناك حاجة لمنع الطعام أكثر من 24 ساعة؛ بل يجوز أن تأكل المرأة قبل مرور 24 ساعة وتعود إلى تناول الطعام العادي حيث إن طلبات الطفل لا تنقطع على الإطلاق بل تزيد كلما زادت سنه وزاد نموه على أن يكون الغذاء سخياً موفوراً وموزوناً؛ حتى تدر كمية من الحليب لا بأس بها وعليها أن تكثر من المواد البروتينية والدهنية في حدود المعقول فنجد أن المرأة خلال فترة النفاس تكثر من أكل الطيور واللحوم وما شابه ذلك؛ وهذه عادة في مجتمعنا ويجب أن تكثر من الحليب وخاصة عند النوم كذلك الإكثار من السوائل والعصير الطبيعي إلى جانب الوجبات الرئيسة، ولعل الفكرة من إكثار السوائل والحليب هي أنها تزيد من كمية الحليب المدرّ الذي يفرزه الثدي؛ كما أن هذه السوائل تعوض ما تفقده المرضع من عرق نتيجة للمجهود الكبير الذي تقوم به وكمية السوائل التي يجب تعاطيها يومياً ما بين 3-4 لترات يومياً بما فيها لتر واحد من الحليب.

التغوط:

قد يحدث إمساك بعد الولادة بيومين أو ثلاثة أيام ولكن ينتهي بمجرد أن تعود المرأة إلى حركتها ونشاطها اليومي؛ وإذا ما تأزم الأمر فيلجأ إلى المسهلات المناسبة أو الحقن الشرجية.

التبول:

قد لا يحدث في معظم الأحيان أي صعوبة في التبول في الفترة الأولى من النفاس إلا أنه إذا حدثت صعوبة في التبول فإنها قد تكون بسبب ضغط الرأس على المثانة في أثناء ولادة الرأس لكن لا داعي للقلق؛ فالوسائل البسيطة والتي يعرفها الجميع والممرضة تكفي لإزالة هذه الصعوبة في التبول قبل وضع الماء الساخن في المرحاض الخاص وإذا فشلت فإنه عادة تلجأ إلى تركيب القسطرة لإنزال البول وإفراغ المثانة البولية؛ ولهذا يمكن القول إن عملية التبول قد تصبح مزعجة وخصوصاً أنها تتكرر ولعدة أيام غير أنها في حد ذاتها عملية بسيطة وعادية.

الراحة والهدوء:

لمصلحة الوالدة أساساً يفضل الإقلال من عدد الزوار وخاصة في الأسبوع الأول بعد الولادة؛ وفي كثير من المستشفيات العالمية فإنه تقتصر الزاوية على الزوج والوالدين؛ أما باقي الأقارب فإنه يسمح بزيارتهم في اليوم السادس والسابع؛ حيث إن الوالدة في أمسّ الحاجة أن تستريح من عناء رحلة الولادة المتعبة؛ ويجب دفعها إلى الاستحمام عندما يجافيها النوم للقلق الذي ينتابها خلال فترة النفاس؛ حيث إن هذه الفترة عادة تصاحب متاعب تكوين الحليب في الثديين لذلك فإنه يجب تشجيع الأم على النوم وخاصة في فترة الظهيرة ما بين الساعة الثانية والرابعة؛ وبعمل نظام لهذا ينبغي احترامه وتنفيذه ولا يجوز الخروج عليه مهما كانت الأسباب ويمنع الزوج من الدخول على زوجته خلال فترة النفاس إذا كان مصاباً بأي نوع من أنواع الالتهابات مثل التهاب اللوزتين أو نزلة برد أو التقيح في جرحٍ قديم لأنه في هذه الحالة يعد مصدراً للجراثيم التي تهاجم الأم وتسبب ما يعرف باسم حمى النفاس وما أسوأها إذا حدثت للمرأة الوالدة.

تمرينات بعد الولادة:

كان الاعتقاد قديماً أنه يجب على المرأة الوالدة أن تظل ساكنة هادئة لا تتحرك ظانين بأن ذلك يساعد الرحم على أن يعود لطبيعته واستمرت هذه العقيدة راسخة في الأذهان ولمدة طويلة إلا أنه لم يعد لها وجود الآن وعليها أن تتحرك بالمشي البطيء؛ ويجب أن تمتنع عن صعود السلم في الأسبوعين الأولين وأن تبدأ في الصعود ابتداءً من الأسبوع الثالث وعليها ألا تستعجل إلى العودة إلى نشاطها بسرعة؛ ومن الوارد أنها عادة لا تعود إلى حيويتها المعتادة إلا بعد ما يقرب من شهرين بعد الولادة.

الاستحمام:

يفضل أن تبدأ بحمام ابتداءً من اليوم الرابع ولكن يسمح للمرأة أن تستخدم "الدش" متى كانت لديها القدرة على الوقوف ثابتة على قدميها ولكن يجب متابعتها في أول حمامٍ على الأخص من إحدى قريباتها لأنها قد تحتاج إلى مساعدة حيث إنها قد تكون بالغت في تقدير قدراتها وقوتها؛ وتكون في هذه الحالة محتاجة إلى المساعدة.

الجماع:

من الأفضل ألا يتم الجماع بالنسبة للنفساء إلا بعد شهرين من الولادة حفاظاً على النفساء من أن تتعرض لأي مضاعفات قد تؤذيها.

غسل المهبل:

يسمح معظم الأطباء للنفساء بغسل المهبل بعد مضي ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع بعد الولادة وغسل المهبل يتم عادة باستخدام سائل معين هو عبارة عن مادة مطهرة مثل بيتادين مع الماء الدافئ؛ وإن لم تتوفر هذه المادة فإنه يمكن استخدام ملح الطعام العادي على لترٍ من الماء الدافئ.

الحيض ورجوعه بعد الولادة:

عادة يرجع الحيض إلى النساء اللاتي لا يرضعن أطفالهن بعد ما يقارب 4-6 أسابيع بعد الولادة ولكنها قد تتأخر ما يقارب أربعة أشهر حيث إن الرضاعة تكبت عودة الحيض بعد الولادة وترجع الدورة الشهرية بعد حوالي خمسة أشهر في حال إذا ما كانت الأم ترضع طفلها؛ إلا أنه لا توجد قاعدة مطلقة في الطب حيث إنه توجد حالات كثيرة تكون فيها الأم ترضع وليدها إلا أن الحيض يعاودها كل شهر بعد الولادة مباشرة، هذا من حيث الوقت، أما من حيث شدته فعادة يكون أول حيض عنيفاً أو يكون النزيف غزيراً وقد يتوقف بعض الوقت ثم يرجع ثانية فلا داعي للقلق لأن الحيض يأخذ فترة حتى يعود وينتظم وعادة يبدأ الانتظام من الحيض الثاني؛ حيث إنه يكون طبيعياً إلى حد ما وبعدها تعود الحياة الطبيعية إلى الأم دون حدوث أي مشكلات.