فلسطين أون لاين

​آية جحا.. رسامةٌ درّبت 700 طالب خلال ثلاث سنوات

...
غزة - يحيى اليعقوبي

"كل شخص لديه حلم يجب أن يحققه بنفسه ولا ينتظر أحداً ليساعده".. هذه هي القاعدة التي انطلقت منها نحو حلمٍ ترعرع معها وكبر مع أيامها وسنينها، نبت من تشققات النجاح رغم ازدحام أوقاتها بمتطلبات أساسية أخرى.

الفنانة آية جحا موهوبة تبدع في رسم الشخصيات، رغم أنها لم تدرس التربية الفنية وإنما درست تخصص "اللغة الإنجليزية"، لتكمل الشق الثاني من قاعدتها في النجاح، وهي "أن تتعب على نفسها بنفسها أكثر لتصل إلى ما تحبه".

"كيف صارت فنانة ونجحت خلال ثلاث سنوات وهي ليست خريجة رسم؟".. إنه انتقادٌ كانت تتلقاه على شكل سؤال لطالما وجّه إليها، ولكنها طوال الوقت كانت تقول لنفسها: "إن الرسم يحتاج إلى عزيمة طالما أنك تحبه وتود أن تكمل الطريق وتصل لحلمها حتى وإن لم تدرسه".

آية جحا (25 عامًا) خريجة ترجمة لغة انجليزية عام 2013م، موهوبة بالرسم، لم تسمح لها الظروف بدراسة الرسم.

تشجيع المدرسة والأسرة

كان الرسم بالنسبة لها مجرد موهبةٍ عادية، تقول في حديثها مع صحيفة "فلسطين": "كنت أرسم أي صورةٍ أراها؛ كان الرسم سهلاً، شجعتني مُعلماتي على الرسم منذ طفولتي، وكل من يشاهد رسوماتي تنبأ لي بمستقبلٍ مشرق".

ذات مرةٍ في صغرها وهي في الصف السادس الابتدائي، رسمت عمق المحيط والأسماك، حينها أُعجبت المعلمة برسمها ومنحتها جائزة، وقالت لها: "اعملي على تطوير موهبتك يا ابنتي"، كان كلام المعلمة طاقةً إيجابية أعطت آية دفعةً قوية نحو المواصلة.

وفي كل مراحلها الدراسية المتتالية توالى مديح مدرساتها في الابتدائية، ومما شجعها أكثر على المواصلة هو أن والديها كانا يعلّقان رسوماتها على حائط المنزل، كما أن معلمي الرسم كانوا يحتفظون بها".

في ذاكرتها البسيطة رسمة ما تزال هي المحببة إلى قلبها، تقول: "شاركتُ في تحدٍ بين طالبات التربية الفنية لطالبات الرسم بجامعة الأقصى بمحافظة خان يونس، فرسمتُ عارضة أزياء بالألوان، كانت الرسمة بالنسبة لطموحي مبتدئة ولكن من قيمها من الفنانين قال: إنها احترافية، وفزتُ بهذا التحدي بفضل الله".

"بعد أن تخرجت من الجامعة مارست موهبتي أي تحديداً منذ ثلاث سنوات، ففي أثناء الدراسة الجامعية فضلتُ أن أكون متفرغة للمذاكرة؛ قناعتي هكذا: "كلما منحنا الرسمة وقتاً تظهر بشكل أجمل".

عودة بعد انقطاع

تتحدث عن اليوم الأول من عودتها للرسم بعد انقطاع طويل: "كان ذلك في شهر يوليو/ تموز 2014م بعد تخرجي، حينها كنت قد انكببتُ على متابعة رسومات فنانين معروفين بعضهم أطفال، حينها أصابتني الغيرة كيف لطفلٍ أن يصبح هكذا وأنا لا ينقصني شيء".

تتوقف عند محطة مرحلتها الانتقالية في حياتها بمجال الرسم، تتابع: "رسمتُ حينها الشاعرين الفلسطينيين غسان كنفاني ومحمود درويش والرئيس العراقي السابق صدام حسين".

على موقع الفيديو "يوتيوب"؛ انشغلت بمتابعةٍ عامة حول الرسم والأدوات والقياسات والنسب والتظليل، ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ بل كانت تعرض رسوماتها الشخصية على الفنانين المعروفين لتقييمها وإبداء الملاحظات لتجنبها في المرات القادمة.

وهكذا خطت آية بأنامل واثقة طريقها نحو طموحها خلال جهد استمر ثلاث سنوات فقط، فرسمت أكثر من 200 لوحة شخصية لكُتَّاب وأدباء معروفين، وأشخاص طلبوا منها أن ترسمهم.

"لماذا اتجهتِ نحو التدريب في الدورات؟" جاءت إجابتها ممزوجة بمعاناةٍ شخصية مرت بها: "عندما كنت أرغب بتطوير نفسي، قبل ثلاث سنوات كنت أبحث عن دورات ولم أجد سوى دورة بسيطة مع فنان يدعى أحمد السحار وقال لي حينها: "أنت لا تحتاجين دورة .. بل أنت بوسعك إعطاء دورة".

كان ذلك الدافع الأول، أما الدافع الثاني، والقول لآية، هم أصدقاؤها على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" الذين كانوا يستفسرون إن كانت تعطي دورات أم لا"، فأحبت الفكرة، وتردف:" قبل أن أبدأ بإعطاء دورات استشرتُ فنانين فنصحوني بالمضي قدماً".

وتضيف: "واجهنا في البداية صعوبة في اختيار الأماكن، وكانت في البداية الأعداد قليلة، ولكن كان هدفي أن يتخرج الطلبة لتحقيق أحلامهم بالرسم مثلما كنت أحلم في بدايتي".

تكللت جهود آية حتى اللحظة بأن خرَّجت 31 فوجا شارك فيها قرابة 700 رسام، أعطت بنفسها جميع الدورات بمحافظات قطاع غزة، تتمحور حول تخصص رسم شخصيات بالفحم، وأقامت آية لطلابها معرض "التميز الأول " في 28 سبتمبر/ أيلول 2016م، ومعرض "التميز الثاني" بجامعة فلسطين استمر لأربعة أيام في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وتعد لمعرض التميز الثالث.

وعن تعاملها مع ضغط الوقت طوال تلك الفترة؛ تقول بنبرة صوتٍ واثقة: "عندما تكون النتيجة مُرضية ينسى المرء كل التعب، وبما أن الرسم شيء أحبه فالتعب لا يعني لي شيئاً(..)، ما يعنيني أن أخرج بنتيجة ترضي الطلبة، وتجعلهم يتطورون من خلال المعارض التي ننظمها بحضور فنانين كبار".

"طموحي الكبير أن أكون معروفة بمجال الرسم، أما طموحي الخاص بأن أقيم لوحة كبيرة تضم كل الشخصيات الفنية والأدبية التي أقدرها وأحترمها واعتبرها شيئا خاصا في حياتي، بأسلوبي الخاص حتى يعرفني من يرى تلك الرسومات"، تقول آية عن طموحها.

والسبب الذي جعل أعدادًا كبيرة تتواكب على دوراتها، كما تتابع، هي المخرجات التي يتأهل من خلالها الطلبة، فضلا عن المعارض التي تقدمها.