على مدار الـ13 عاما الماضية شهدت مختلف أراضي المستوطنات الإسرائيلية، التي كانت جاثمة على قرابة 42% من مساحة قطاع غزة قبل الاندحار الإسرائيلي عام 2005، إنشاء مئات المشاريع الحيوية والتنموية في مختلف المجالات الصناعية والإسكانية والزراعية فضلا عن المرافق الأساسية والمتنزهات العامة والمراكز التعليمية.
ويعد تشييد مدينة حمد الإسكانية التي تبرع ببنائها أمير دولة قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد زيارته التاريخية عام 2012 لقطاع غزة، أحد أحدث المرافق الإسكانية التي شيدت على أرض المحررات وتحديدا على أنقاض مجمع غوش قطيف الاستيطاني سابقا، وذلك في إطار نفوذ مدينة خانيونس، جنوب القطاع.
ويقع المشروع السكني على مساحة 126 دونماً ويتكون من 53 عمارة سكنية بارتفاع خمسة طوابق، تحتوي على قرابة 3000 وحدة سكنية بثلاث مساحات مختلفة، ووفر ذلك المشروع الآلاف من فرص التشغيل للعاطلين عن العمل داخل القطاع الساحلي المحاصر إسرائيليا منذ عام 2007.
وإلى جوار مدينة حمد السكنية، أقيمت مدينة أصداء السياحية عقب الانسحاب الإسرائيلي فكانت بمثابة المشروع الأول من نوعه الذي يحوي العديد من المرافق الترفيهية والإعلامية والثقافية وأقساما تراثية، وضمت المدينة معالم معمارية وسياحية استخدمت لتصوير العديد من الأفلام والأعمال الفنية.
وعلى أنقاض مستوطنة "غوش قطيف" كذلك افتتح العام الماضي مدينة الإنتاج الإعلامي والسينمائي الأولى من نوعها في قطاع غزة، التي تحاكي التصميم المعماري القديم لمدينة القدس المحتلة، من أزقة ومنازل ومحال صغيرة ومقاهٍ قديمة.
وعلى الصعيد القطاع التعليمي، توسعت جامعة الأقصى على أرض المحررات وتحديدا في منطقة المواصي التي تبعد عن مركز مدينة خانيونس قرابة خمسة كيلومترات، حيث يضم فرع الجامعة (الجنوبي) العديد من المباني التي كانت سابقا جزءا من مرافق مستوطنة إسرائيلية، وكذلك فعلت الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية وجامعات أخرى.
وكذلك يترقب الفلسطينيون افتتاح "مستشفى الصداقة"، الذي يُعد أكبر المشاريع التركية في غزة وقد شيد على أرض محررة "نتساريم" جنوب مدينة غزة، إلى الجوار من المستشفى يجري العمل على اتمام بناء قصر العدل بتمويل قطري يصل لنحو 11 مليون دولار.
حراك جزئي
بدوره، شدد أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب على أهمية المشاريع التنموية التي شيدت في أراضي المحررات عقب الاندحار الإسرائيلي، مؤكدا في ذات الوقت على وضع خطة شاملة تضمن تحقيق أكبر درجة استفادة ممكنة من المحررات بما يصب في مصلحة مختلف القطاعات.
وقال رجب في حديثه لصحيفة "فلسطين" "شهدنا في السنوات الماضية إقامة عدة مشاريع إسكانية في جميع مناطق القطاع ومشاريع زراعية وأخرى ترفيهية إلى جانب مرافق البنية التحتية كمحطات تحلية المياه والمراكز التعليمية، التي أحدثت بشكل عام حراكا جزئيا في الدورة الاقتصادية داخل القطاع عبر توفير فرص عمل لفترات محدودة".
وأضاف رجب "وفرت أراضي المحررات قاعدة خصبة لإحداث تنمية شاملة في قطاع غزة على جميع الصعد، ولكنها اصطدمت بعدة عراقيل بداية من فرض الاحتلال حصاره المشدد على القطاع، ثم حدوث الانقسام الداخلي الذي انعكس سلبا على التمويل الخارجي فضلا عن منع الاحتلال إدخال العديد من المعدات، وكل ذلك حال دون الوصول إلى الاستغلال الأمثل للمحررات".