لم يكن اتخاذ قرار الإضراب المفتوح عن الطعام والاعتصام أمام مقر هيئة الأسرى والمحررين في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، بالأمر الهين عند الأسير المحرر أمين اشتيه نظرا لظروف الصحية المتردية، ولكنه لم يجد وسيلة يضغط من خلالها على السلطة الفلسطينية في سبيل إعادة صرف راتبه الشهري غير ذلك.
ويشارك المحرر اشتيه منذ أول أمس، برفقة 35 أسيرا محررا أمضوا ما بين 7- 20 عامًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بالإضراب والاعتصام أمام مقر الهيئة الحقوقية الرسمية؛ رفضًا لقطع السلطة رواتبهم، وذلك بدعوى مخالفة الشرعية وتوجهات السلطة برام الله.
ويطالب المحررون بإعادة صرف رواتبهم، المقطوعة منذ نحو 11 عاما، وفق النظام على قاعدة الاعتماد الوظيفي بسلمه القانوني ومستحقاته بأثر رجعي، بالإضافة لوقف الظلم الممارس على عائلاتهم من خلال منع توظيفهم في الوظيفة العمومية بحجج التصنيف السياسي.
وبدأت الأزمة الأسرى المحررين عام 2007 عقب أحداث الانقسام الفلسطيني الداخلي، وحينها قررت اللجنة الأمنية التي شكلتها حكومة سلام فياض آنذاك بقطع رواتب مجموعة من الأسرى المحررين لأسباب سياسية بحتة بذريعة "معاداة الشرعية"، دون وجود أي سند قانوني.
ويقول اشتيه لصحيفة "فلسطين" اتجهنا لتلك الخطوة الاحتجاجية والتصعيدية، بعدما مللنا من الوعود الكلامية التي لم تحرك أي شيء على صعيد إنهاء أزمتنا المفتعلة بقرار سياسي صادر من جهات أمنية بحتة دون أدنى لحقوق الأسرى"، داعيا إلى أكبر إسناد وطني وحقوقي لحراكهم الاحتجاجي.
ويوضح اشتيه أن الأسرى المحررين تلقوا منذ الساعات الأولى لبدء اعتصامهم المفتوح وعود من جهات نافذة بإنهاء أزمتهم، "ولكن تلك الأحاديث مجرد إعادة للأسطوانة المشروخة القديمة الجديدة"، مؤكدا على استمرار الاعتصام حتى يتحقق مطلب المحررين الأساس المتمثل بإعادة صراف رواتبهم مع كامل المستحقات.
وبعد نحو أربع سنوات من بدأ الأزمة لاحت في الأفق بوادر إيجابية لانتهائها، وتحديدا في منتصف عام 2010 عندما صرفت وزارة المالية في رام الله راتب شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز للمحررين الـ 35، ولكن في الشهر الثالث أصطدم الأسرى بالرجوع للمربع الأول للأزمة وذلك وفقا لـ"توصيات الأجهزة الأمنية".
أما المتحدث باسم الأسرى المقطوعة رواتبهم المحرر عبد الهادي أبو خلف فأشار إلى أن المعتصمين تعرضوا منذ إعلانهم الدخول بإضراب مفتوح عن الطعام عصر الأحد الماضي لمضايقات من عناصر الشرطة والمباحث العامة، فضلا عن سرقة الخيمة الخاصة بهم.
ويقول أبو خلف لصحيفة "فلسطين" "أمضينا ليلتنا الأولى على قارعة الطريق رغم انخفاض دراجات الحرارة ليلا، وذلك بعدما سرقت خيمة الاعتصام ومنعنا من قبل عناصر الأمن من الاعتصام داخل مقر هيئة الأسرى والمحررين أو حتى أمامهما".
ويشير أبو خلف إلى أن الأسرى يحاولون نقل اعتصامهم إلى ميدان ياسر عرفات وسط مدينة رام الله من أجل الاستمرار في المطالبة بحقوقهم، ولكن الأمن يصدهم بذريعة "مخالفة القانون"، مبينا أن الأسرى المعتصمين لم يتناولون الطعام لليوم الثالث باستثناء الماء والملح والحليب.
يذكر أن السلطة سبق لها وأن قطعت رواتب مجموعة من الأسرى المحررين مطلع العام الماضي، إذ أوقفت وزارة المالية التابعة للسلطة مارس/آذار 2017، صرف رواتب 277 من الأسرى في سجون الاحتلال والمحررين في كل من الضفة الغربية وغزة إلى جانب بعض المبعدين إلى الخارج.
ولجأ محرور الضفة حينها لتنظيم اعتصام مفتوح على دوار الشهيد ياسر عرفات بإعادة صرف رواتبهم، وهو ما استجابة له السلطة بعد ثلاثة أشهر، وصرفت في وقت لاحق نصف مستحقات الأسرى في سجون الاحتلال، في حين بقيت أزمة رواتب المحررين في غزة والمبعدين على حالها والبالغ عددهم 128 محررا.