قائمة الموقع

​قرى النقب.. فصول من التهميش والاستئصال

2017-01-18T15:34:04+02:00
إمراة فلسطينية أمام منزلها في قرية أم الحيران اليوم (أ ف ب)


لم يكن هدم قرية "أم حيران"، سوى حلقة من مسلسل التهويد الاستيطاني للقرى والبلدات الفلسطينية في النقب جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، إذ مثلت عمليات الهدم ركيزة أساسية لمخطط "برافر-بيغن"، وامتداد لقانون التخيط والبناء لعام 1965، فما حكاية تلك القرى.

بدأ نزيف الهوية لقرى النقب أو "القرى غير المعترف"-كما يسميها الاحتلال- في مطلع خمسينيات القرن الماضي، أصدر الاحتلال 5 قوانين لا تزال آثارها متواصلة، وهي قوانين أملاك الغائبين، والعودة، والمواطنة، والدخول إلى (إسرائيل)، وقانون شراء الأراضي، المحامي حسن جبارين، كما يوضح مركز "عدالة" القانوني لحماية حقوق فلسطيني 48.

وبحسب المركز فإن "النقل الجارف للسيطرة على أراضي الـ 1948 تم بالاستناد إلى قانون شراء الأراضي الصادر (أرض إسرائيل) عام 1953 وقانون أملاك الغائبين الصادر في 1950"، حيث صودر بموجب هذه القوانين نحو 13 مليون دونم (الدونم= ألف متر مربع) في النقب المحتل.

وبين أنه، وفي عام 1965 اعتمد الاحتلال الإسرائيلي قانون التخطيط والبناء، الذي صمم لإعاقة التنمية في المناطق التي يسكنها الفلسطينيين، إذ حدد القانون السلطات المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ، إضافة إلى خطة رئيسية تشتمل على خرائط لجميع المجتمعات المحلية الموجودة، وعلى مناطق التنمية العمرانية، واحتياجات الاستيطان.

ومنذ صدوره هذا القانون، صنفت تلك القرى كـ"قرى غير معترف بها" وباتت لا تظهر على خرائط الاحتلال الإسرائيلي، ولا تتلقى أي خدمات بلدية (مياه، كهرباء، صرف صحي، تعليم، طرق إلخ..)، ولم يتم إقامة طرق لخدمة هذه القرى، ولا مدارس، أو مراكز اجتماعية، باختصار شديد: تحصل على لا شيء، كما يؤكد الباحث السياسي حازم جمجوم.

ويصل عدد القرى غير المعترف بها إلى 45 قرية يقطنها 75 ألف فلسطيني، معرضة بيوتهم للهدم في أي وقت، بما فيها من أكواخ و خيام، وصهاريج مياه وحظائر ماشية.

قرى التركيز والدوريات الخضراء

وقال جمجوم: "بالرغم من أن فترة الحكم الإسرائيلي العسكري قد شهدت تهجير أعداد كبيرة من البدو الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم، إلا أن منطقة الشمال-الشرقي للنقب ظلت منطقة ذات كثافة سكانية فلسطينية عالية جدا، فكانت الخطوة الصهيونية التالية تستهدف تكديس أكبر عدد من الفلسطينيين في منطقة السياج".

ومنطقة السياج، أصبحت شبه معزولة بين مدن بئر السبع، عراد وديمونا، بعد أن صنفها الاحتلال كأراض زراعية يمنع فيها البناء فأصبحت كل البيوت والمباني في هذه المنطقة غير قانونية، وبذلك يتوجب على سلطات الاحتلال التنفيذية أن تطبق هذا القانون وتقوم بهدم المباني وطرد فلسطينيي النقب.

وأوضح جمجوم، أن خطوة السياج بدأت في العام 1968 عندما اعترف الاحتلال بسبعة قرى، وعرفت بـ"بلدات التركيز"؛ وهي: تل السبع، رهط، عرعرة، كسيفة، سيغف شالوم، حورة، واللقية.

وأضاف "تلك التجمعات هي الأكثر فقرا في الأراضي المحتلة، والمقارنة الصارخة جدا أن المستوطنات اليهودية المجاورة، لديها المؤشرات الاقتصادية-الاجتماعية الأعلى في (إسرائيل)".

وبين جمجوم، أن الهدف الواضح من بلدات التركيز تجميع مركّز للبدو الفلسطينيين في أماكن حضرية معزولة، وفصلهم عن أسلوب الحياة البدوية الرعوية، وتحويلهم إلى عمال قابلين للاستغلال في مختلف الصناعات المملوكة لليهود في منطقة النقب.

وأشار إلى أن، في أواخر السبعينات أسس أريئيل شارون، الذي كان وزيرا للزراعة آنذاك، وحدات عسكرية سميت بـ"الدوريات الخضراء"، أوكل إليها مهمة مضايقة وتخريب ممتلكات الفلسطينيين.

"طرد الغزاة.. برافر بيغن"

وذكر الباحث الفلسطيني، أن بدو النقب بقوا في حالة كر وفر لتثبيت وجودهم حتى إقرار قانون "طرد الغزاة" عام 2004، الذي عدّ السكان الفلسطينيين الأصليين "غزاة يجب طردهم"، فيما توج هذا القانون بمخطط "برافر- بيغن" الذي أقره "الكنيست" بالقراءة الأولى في يونيو/ حزيران 2013 بناءً على توصية لجنة ترأسها إيهود برافر في عام 2011.

وتقضي خطة برافر، بمصادرة نحو 700 ألف دونم من أراضي النقب وإزالة نحو 40 قرية غير معترف بها، وتهجير نحو 50 ألف شخص، مما يعني أن يتم حصر الفلسطينيين الذين يشكلون 30% من سكان النقب في 1% فقط من أراضي هذه المنطقة أو ما يعرف بـ"بلدات التركيز السبع".

كما تقضي الخطة بإقامة قرابة 20 مستوطنة على أراضي النقب.

ويشار إلى المخطط الاستيطاني قد جُمد بفعل والمقاومة الشعبية الفلسطينية التي جوبها، وإثر انقسام السياسيين الإسرائيليين حوله.

وقال جمجوم "المخطط مثّل المخطط سياسة تطهير عرقي لفلسطينيي النقب، بطرد جماعة ذات هوية وأرض وتقاليد من أرض سكنوها من مئات السنين".

ويعيش في صحراء النقب نحو 250 ألف فلسطيني، يقيم نصفهم في قرى وتجمعات لا يعترف الاحتلال بها، رغم أن بعضها أقيم منذ مئات السنين وقبل احتلال فلسطين عام 48.

وتبلغ مساحة النقب 12 مليون دونم (نحو 40% من مساحة فلسطين التاريخية)، وصادر الاحتلال منها 11 مليون دونم، بحسب مصادر فلسطينية.

اخبار ذات صلة