فلسطين أون لاين

​"بلال".. وصورته المكبرة بقيت ذكرى

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

كأن قلبه كان يحدثه بيوم الرحيل، فأراد أن يترك صورة مكبرة له في صدر البيت، حتى يبقى حاضرا في أذهان كل من رآها كما حدّث والدته قبل مغادرته البيت برفقة أصدقائه حيث مكان تجمع الحشود المشاركة في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار شرقي رفح.

الشهيد "بلال خفاجة" 16 عاما نشأ في حي الجنينة في مدينة رفح، أصغر إخوته وآخر "عنقود" العائلة، كان يحب المشاركة في مسيرة العودة حيث أصيب ذات مرة بقنبلة غاز ولكن إصابته لم تمنعه عن مواصلة الذهاب إلى خيام العودة الحدودية في مدينته.

انتهى "أبو أشرف" لتوه من مواراة فلذة كبده الثرى، مودعًا إياه، راجيًا من الله أن يكون أبدله دارًا خيرًا من داره، يقول: "آخر ما طلبه مني، أن أصنع له بروازًا زجاجيًا لكي يضع فيه صورة مكبرة له في الصالة، لكي تبقى ذكرى له".

ويضيف خفاجة لـ"فلسطين": "أخبرني أصدقاؤه أن بلال حدثهم عن نيته بتكبير صورة له ووضعها ببرواز حتى إنه يدخر المال لكي يقوم بذلك لكنه استشهد قبل ذلك".

أما والدته التي لم تسعفها الكلمات للحديث عن "دلوعها" بلال، حتى إن صوتها بالكاد كان يسمع من شدة حزنها عليه، تقول: "بلال مهجة قلبي راح وتركني، كان ساعدي الأيمن أي شيء أطلبه منه كان يلبيه دون نقاش".

وتتابع أم أشرف: "بلال نوارة البيت، في يوم الجمعة لم تفارقه ضحكته، تناولنا طعام الغداء عند بيت خاله بحضور كل إخوته، ولم أكن أتوقع أنها اللمة الأخيرة برفقة بلال، كأن القدر أرادها حتى يودعنا بلال وإخوته أيضا".

وتردف قائلة: "طلب طلبا غريبا مني لأول مرة، أراد أن يضع صورة له كبيرة بجوار برواز لأية الكرسي كان معلقا على حائط صالة البيت، وحينما استعجبت من طلبه رد يمّا عادي، لكي تتذكروني".

ومن الأحاديث الغريبة التي لم تدرك "أم أشرف" معناها إلا حينما استشهد نجلها بلال، تقول: "قالي لي أريد أن أتزوج قبل إخوتي الكبار، فتعجبت وأخبرته أنه من الأجدر أن يتزوج إخوته الذين يكبرونه وأنه ما زال صغيرا على هذا الحديث، فجاء رده الغريب: سأتزوج يا أمي وستدركين ذلك، وبالفعل استشهد وسيتزوج من الحور العين".

المسيرة سلمية هكذا أخبر بلال والدته، بألا تقلق عليه لأنه سيذهب لكي يشارك ويلهو برفقة أصدقائه وسيعود لكن دون أن يتأخر، وبالفعل ما أن وصل مخيم العودة شرق رفح بعد صلاة العصر حتى زف إليها خبر استشهاده.

تشير والدته إلى أن بلال أصيب إصابة خطيرة في القلب استشهد على إثرها من فوره، حيث كان الجندي القناص معنيا في ذلك.

وتبين أم أشرف أن بلال كان يتمتع بقوة شخصية لا يعرف الخوف، ولا يهاب الإصابة أو الاستشهاد حتى، ملقبًا نفسه بـ"أبو شهاب".