فلسطين أون لاين

لقتل الروتين.. احترم خصوصية شريك الحياة

...
غزة - مريم الشوبكي

يقولون لها إنها ستفعل كل ما تريد بعد الزواج، وحينما تتزوج تنشغل بتفاصيل حياتها الجديدة من بيت وزوج وأطفال، أما الزوج فيعود إلى بيته بعد العمل منهكًا، وهكذا ينتهي اليوم بالنسبة للطرفين اللذين يدخلان في دائرة من الروتين تتكرر يوميًّا.

وعلى صخرة هذا الروتين، تتحطم أحلام الشباب والشابات، وتحل محلها الصدمة من الواقع بعد الزواج، لما فيه من مسؤوليات وضغوط تسرق منهم الوقت دون أن يستمتعوا به، فيدخلون نفق الملل ولا يجدون سبيلًا للخروج منه.

نسيت نفسي

"مها الخطيب" مثل معظم الأمهات العاملات تتخلص حياتها بالتنقل بين احتياجات البيت والأولاد والعمل، فالوقت لديها ضيق لا يكفي إلا لإنجاز متطلبات بيتها فقط، حتى أنها نسيت نفسها في خضم المسئوليات الملقاة على عاتقها.

قالت الخطيب لـ"فلسطين": "لا وقت لدي لاستقبال ضيوف في بيتي، ولا حتى حضور المناسبات الاجتماعية، وفرصة الخروج الوحيدة هي نزهة نهاية الأسبوع مع الأبناء، والتي أستمر في تذكير زوجي بها والإلحاح عليه حتى لا ينساها أو يتذرع كعادته بالانشغال في أعماله".

مسؤوليات أكبر

أما "عفاف اسليم" فقالت: إن "الفتاة قبل الزواج ترسم أحلامًا وردية، وتظن أنها ستقضي أيامها في التنزه في كل مكان بحرية مطلقة برفقة زوجها، لتكتشف بعد الزواج أن الأمر عكس ذلك، فالمسؤوليات الملقاة على عاتقها أصبحت أكثر، وأن حريتها قبله كانت أكبر، ولذا تسدي لصديقاتها غير المتزوجات نصائح بالخروج والتنزه والاستمتاع بحياتهن قبل أن يتزوجن".

وأوضحت اسليم: "الزواج مسئولية المرأة، تدفن حياتها فيها وتضحي بسعادتها وحاجتها للترفيه عن نفسها لكي تعتني بأطفالها، والزوج أيضًا ينهكه العمل، ولا يجد وقتًا إلا للأكل والنوم، وفي حال طلبت زوجته حقها في التنزه يخبرها برده الجاهز وهو أنه منهك وجسده بحاجة إلى النوم لأنه سيستيقظ باكرًا للتوجه إلى عمله".

التجديد

وبدورها، قالت الأخصائية النفسية إكرام السعايدة: "البعض يعتبر أن الزواج هو مرحلة لوضع حدود للحرية، ونسيان الطموح أيا كان، كإكمال الدراسة الجامعية، وعلى النقيض هناك من يرى الزواج انطلاقة جديدة لتحقيق الأحلام والوصول إلى الأهداف، وهذا يعود إلى الخلفية العلمية والاقتصادية للزوجين، ومدى التعاون والتفاهم بينهما، ويتعلق أيضا بطبيعة شخصية كل شريك، وما إذا كان انطوائيا أو اجتماعيا".

وأضافت السعايدة لـ"فلسطين": "مع مرور الأيام، نجد الحياة الزوجية أيام تكرر نفسها وهذا يضفي عليها طابع التقليدية، وتحت ضغط تعدد المهام والمسئوليات لا تجد المرأة مجالًا للاعتناء بذاتها، وتنسى نفسها، وتدخل في روتين قاتل".

وبينت أن القضاء على الملل والروتين اليومي في الحياة الزوجية يبدأ من احترام خصوصية كل شريك، ومنحه الحرية في ممارسة هوايته وتشجيعه ومساعدته على فعل ذلك، إضافة إلى رفع شعار التجديد، سواء في المظهر أو الأنشطة أو حتى تغيير نظام البيت، وكذلك التجديد في العلاقات الاجتماعية والتقرب من الأشخاص الإيجابيين.

وأشارت الأخصائية النفسية إلى أن التغيير والتجديد في الحياة الزوجية يعتمد على شخصية شريك الحياة، وما إذا كان يتقبل هذه الفكرة أو يرفضها.

مصدر السعادة

ونبهت على أن التعاون بين الشريكين، وتنظيم الوقت يعطيهما مساحة للترفيه عن نفسيهما، بنشاطات مثل التنزه والقيام معًا بالزيارات الاجتماعية، مؤكدة ضرورة عدم إهمال تبادل عبارات الثناء المدح والإطراء، وعدم التقليل من شأن أي عمل، وفي حال كان للزوجين أطفال لا بد من إشراكهم في عملية التجديد.

ولفتت السعايدة إلى أن الشريك الرافض للتجديد في حياته والذي يحاول مقاومة أي مظاهر للتغيير يفعل ذلك بسبب اعتقاده بأن مظاهر هذا التجديد غير مجدية، لأن كسر الروتين هو مبعث سعادة للنفس، موضحة: "الوقت كفيل بتغيير كل شيء، فمع مرور الوقت يدرك شريك الحياة الأمور التي تعدّ مصدرًا السعادة، ولا بد من أن يكون التغيير في إطار ما يحبه الطرف الآخر".

وأشارت إلى أن الزواج ليس حرية مطلقة ولا قيودًا مطلقة، بل هو وسطي بين الأمرين، فهناك مسؤوليات يجب أخذها بعين الاعتبار، مع محاولة الموازنة مع باقي جوانب الحياة قدر المستطاع، مبينة: "يجب أن يقوم كل طرف بوظائفه على أكمل وجه، والمحافظة على كينونته وكينونة شريكه".

وأكدت السعايدة أن كل طرف عليه أن يعطي شريك حياته مساحة شخصية يجد فيها السعادة مع العائلة والأصدقاء وتسمح له بالقيام بالأنشطة الاجتماعية المختلفة.