فلسطين أون لاين

​دنيا سنونو.. قبل مغادرة "الطفولة" احتفلت بروايتها الثانية

...
غزة - هدى الدلو

في الصف الرابع الابتدائي، بدأت ملامح الموهبة بالظهور على شخصية الطفلة، فأصبحت قارئة نهمة تطلع على الكتب في شتى المجالات، غير الكتب المدرسية، كما أنها كانت تقضي حصص الفنون الجميلة والرياضة في المدرسة في الكتابة على دفاترها وبعض القصاصات الورقية، وتخطّ عليها شعرًا كانت تعدّه وقتها حرًا، ولم يكن يحمل في أغلب الأحيان أي معنى سوى أنه يعبر عن حالتها النفسية المتأثرة بغياب والدها المسافر، ورغم شخصيتها الانطوائية إلا أنها كانت تتجرأ وتقرأ كتاباتها بصوت مرتفع أمام زميلاتها، لكن لم يعلم بموهبتها سوى أمها، ولكنها استمرت في الكتابة لحبها لها.

دنيا سنونو (17 عامًا) ترى نفسها فتاة عادية، فضلت أن تعبر عن نفسها بالكتابة في الوقت، الذي لا أحد فيه يستمع للآخر، حسب قناعتها، نشرت، قبل ثلاثة أعوام، روايتها الأولى "حب حيفا"، ومؤخرًا طُبعت ثاني رواياتها "ألف عام من الركض"، وسيتم عرضها في معرض القاهرة.

طبيعتها الانطوائية فرضت عليها اعتقادًا بأن "الحياة ليست حلوة" بمشاركة الآخرين، مما انعكس على نظرتها للحياة وتفاعلها معها، وترجع فكرتها هذه إلى أنها لم تتلقَ مساعدة من أحد عندما نشرت روايتها الأولى، ولهذا السبب قررت أن تطور من نفسها كثيرًا، وأن تفعل هذا بالاعتماد على ذاتها فقط.

من الشعر إلى الرواية

وقالت سنونو في حوار مع "فلسطين": "مع الوقت تطورت الأفكار واللغة عندي، وأصبحت في تحسن مستمر، وتوجهت لكتابة الخواطر بطريقة السجع، رغم أني لم ألقَ تشجيعًا إلا بعدما نشرت رواية (حب حيفا)، وكنتُ أتلقى نقدًا قاسيًا، وما اكتشفته هو أن النقد أحسن من الدعم"، مضيفة أنها كانت تحاول تجنب بعض تفاصيل النقد التي من شأنها أن تؤثر عليها، وتجاوزت كل الأفكار السلبية لتوفر الهدوء لعالمها الخاص.

وتابعت: "لا أكتب لسبب معين، سوى لأني أشعر أن الكتابة هي أفضل حل للاستمرار بالحياة ومواجهة البؤس الذي نستيقظ عليه كل صباح من حروب واعتداءات ومجاعات والأشخاص الذين يموتون لأنهم يسعون للعيش بسلام في بعض البلاد العربية، وهذا يشعرني أنه لا يوجد سبب لكي أعيش للغد، لذا فإنني إن لم أكتب سأبقى حبيسة التشاؤم".

تسعى سنونو إلى إيجاد عالمها الخاص بها، والصمت هو سيده بعيدًا عن أي ضجيج، تراقب كل شيء حولها وتكتشف ما هو جديد دون مقاطعة من أحد، وهذه هي متطلبات من يميلون للوحدة، وهي لا تكتب إلا في حضرة الصمت المطلق، فعندما ينتصف الليل تستطيع أن تشرح بحرية مطلقة يومها على الورق، وأن تختلق شخصيات جديدة، أو شخصية تصنع القوة والأمل وتطمح للوصول إليها.

وبعدما قرأت كتبًا لشخصيات معروفة وبأساليب مختلفة، أحبت الفكرة وبدأت بكتابة خواطر وقصص قصيرة، منها ما يمثل شخصيتها، ومنها ما يعبر عن واقع الناس، واتخذت من المواقع الإلكترونية والمنتديات منصة لنشر كتاباتها.

المدينة الساحرة

قبل ثلاثة أعوام زارت مدينة "حيفا"، تأثرت بفكرة زيارتها وبأنها تتجول كالسياح، وأحبت البحر وتقلب أمواجه، وصورة الجبل الشامخ فيها، فكتبت رواية "حب حيفا" لتشد القارئ بها، ولعلها تبكيه على الحال الذي آلت إليه المدينة ساحرة الجمال بعد احتلال مستمر منذ 67 عامًا، وقبل أن تكمل عامها الثامن عشر أصدرت روايتها الثانية "ألف عام من الركض".

توسعت سنونو في روايتها الثانية في سرد حكايا المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، من فقر، وضيق عيش، وآلام مبرحة سببتها الحروب المتكررة، ومثلت ذلك من خلال شخصيات عاشت تلك المأساة، إضافة إلى فقدان آخرين لطعم الحياة برحيل أشخاص أعزاء عليهم، متطرقة إلى البطالة التي حرمت الشباب من وطنهم واضطرتهم إلى الهجرة بحثًا عن عمل، كما تحدثت عن صمود الأهالي وصبرهم على كل ما يمرون به.

بكلتا الروايتين حاولت أن تشبع شغفها بالكتابة، وركزت فيهما على الجانب "الرومانسي الحزين"، وافترضت شخصيات غير واقعية استمدتها من خيالها، ولكن ما يزعجها هو تقصير الجهات المعنية بحق أصحاب الموهبة، وعدم الاهتمام بهم وتشجيعهم.

وأشارت سنونو إلى أنها ستستمر في هذا الطريق لتبين حبها لوطنها وشعبها الذي عانى من التهجير، رغم كل العقبات التي تواجهها، وخاصة أصحاب النقد اللاذع الذين يقولون لها إن "الكتابة أصبحت موضة"، و"أنتِ ستشوهين الأدب"، وما يبقيها على هذا الطريق هو إيمانها بعبارة "لا أحد يسندك سوى عمودك الفقري".