جرت محاولات مختلفة ومتعددة من قبل الاحتلال الإسرائيلي والقوى الدولية المؤيدة له على رأسها الإدارة الأمريكية للتخلص من وكالة "أونروا" بطرق مختلفة باعتبارها المنظمة الدولية الوحيدة التي تم تخصيصها لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى ديارهم، كما جاء في قرار إنشائها عام 1949م.
كانت البداية بتخفيض التمويل المقدم لـ"أونروا" من الدول المانحة، ما أدى إلى تقليص الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين لتصبح مقصورة على التعليم الأساسي والصحة والإغاثة.
ويسعى الاحتلال والقوى المؤيدة له في المحافل الدولية باستمرار إلى الحاق اللاجئين الفلسطينيين بالمفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين في العالم "UNHCR"، وإلغاء "أونروا" ليكون شأنهم شأن باقي اللاجئين في العالم.
مخطط قائم
يقول رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا، ماجد الزير، إنه منذ نكبة فلسطين عام 1948م ومنذ اللحظة التي هُجر فيها أول فلسطيني، والمخطط الإسرائيلي قائم على إفراغ القضية من عناصر قوتها وإنهائها برمتها، وأن لا يكون من المكونات داخل القضية ما يسمح باستمرارها والمطالبة بالحقوق.
وأضاف الزير لصحيفة "فلسطين"، أنه طوال العقود السبعة السابقة يحاول الاحتلال الإسرائيلي استخدام الأذرع الدولية التي يمكن أن تساهم في مخطط تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
ولاحظ المشرع الإسرائيلي قوة الذراع الأممي (وكالة أونروا)، التي هي امتداد وأحد قرارات الأمم المتحدة (194) القاضي بعودة اللاجئين إلى ديارهم، وسنة بعد أخرى ظهر البعد القوي للوكالة لإغاثة اللاجئين بالمعنى الإنساني، وبقي المخيم الفلسطيني قويا بثبات اللاجئين الفلسطيني في مخيماتهم، والكلام للزير.
وبين أنه جاءت "لحظة تاريخية" عند الاحتلال وفق وصف رئيس وزرائه السابق شمعون بيريس بتوقيع اتفاق "أوسلو" بين السلطة والاحتلال عام 1993م، والذي كان يوازي إعلان قيام دولة الاحتلال، ومنذ تلك اللحظة بدأ الدعم الأمريكي لاستكمال مخطط تصفية القضية، بتحييد قضية اللاجئين وتأجيلها.
وأشار الزير إلى أنه في السنة التالية لاتفاق "أوسلو" توقفت أمريكا عن دعم قرار(194) وبدأت باستهداف "أونروا" شيئا فشيئا، فكل الوفود الأمريكية التي زارت المنطقة حاولت جاهدة تحقيق ذلك، وتركزت كل حلقات النقاش بالغرب حول تصفية الوكالة الأممية.
حقبة ترامب
عضو اللجان الشعبية للدفاع عن اللاجئين في قطاع غزة، محمود خلف يقول من ناحيته إن الولايات المتحدة الأمريكية منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، وهي تعادي حقوق الشعب الفلسطيني، وأعلنت عن أهدافها في تصفية القضية وبدأت بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكانت تلوح أن موضوع حق العودة يجب أن ينزاح عن طاولة البحث.
وأشار خلف في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن أمريكا عملت منذ فترة وزمن من أجل استهداف حق العودة، والخطوة العملية التي قامت بها تمثلت بتخفيض الحصة التي تدفعها للوكالة والبالغة 365 مليون دولار، والهدف منها التأثير على خدمات "أونروا" المقدمة لـ 5.5 ملايين لاجئ فلسطيني، كما أنها عملت بشكل دائم على خلق أزمة في الإغاثة والتشغيل.
وبعد أن خلقت أمريكا الأزمة بتقليص حصتها أعلنت أنها لن تقدم أية معونات مالية للوكالة، وهذا الموقف من أمريكا ليس فقط على المستوى المالي بل لتقويض مبدأ حق العودة وإزاحته عن أي بحث مستقبلي كقضية، "بالتالي الإدارة الأمريكية تسير في المسار وتستعدي حقوق الشعب الفلسطيني، التي أقر بها العالم على أعلى المستويات"، والكلام لخلف.
ولفت إلى قرار (194) المتعلق بحق عودة اللاجئين وتعويضهم، والقرار (302) الذي بموجبه كان إنشاء "أونروا"، لإغاثة اللاجئين وتشغيلهم وهو إنشاء مؤقت إلى حين عودة اللاجئين، قائلا: "إن أمريكا بسلوكها المشين تدير الظهر لكل القرارات الدولية المتعلقة بحق العودة".