أكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ماهر مزهر، أن ادعاءات السلطة في رام الله وقوفها ضد "صفقة العصر" الأمريكية، "يفنده الواقع"، مشددًا على أن جملة من الممارسات التي تقوم بها ليست إلا تمريراً لهذه الصفقة.
وقال مزهر في حوار مع صحيفة "فلسطين": "إنّ من يدعي تصديه للمؤامرات الخارجية لا بد عليه أن يعزز صمود شعبنا الفلسطيني، وأن يرفع الإجراءات العقابية الإجرامية ضده" والمفروضة منذ ما يزيد عن 18 شهرًا.
وأضاف: إن العقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة ليست إلا محاولة لتركيع الشعب الفلسطيني، وإرغامه على القبول "بأنصاف الحلول"، مكملا "من يدعي وقوفه ضد الصفقات المشبوهة ورفضه لوجود دولة غزة وحديثه ألا دولة دونها لا بد وأن ينسجم موقفه مع الموقف الوطني الثابت لا أن يمارس المزيد من القهر على شعبنا".
وشدد مزهر على أن "صفقة العصر" جزء من ملف التآمر على القضية والثوابت الفلسطينية، والالتفاف على حقوقه المشروعة، وحلمه في إقامة الدولة المستقلة، مشيرا إلى أن حديث السلطة عن "صفقة العصر" في الإعلام شيء، وفي الواقع شيء آخر.
وأكمل: "عقوبات السلطة ضد قطاع غزة إذا لم تكن جزءًا أساسيًا من تنفيذ صفقة العصر، فهي تصب في صالحها"، لافتًا إلى أن الاتفاقات الوطنية الجامعة عام 2011 و2013 و2017 مؤهل هام لإيجاد لحمة وطنية مترابطة من شأنها أن تقف في وجه "صفقة العصر" الأمريكية وهي محط اختبار لأن تتبناها السلطة.
وفي شأن آخر، شدد مزهر على أن تصريحات رئيس السلطة محمود عباس حول اتفاقه مع جهاز مخابرات الاحتلال الإسرائيلي بنسبة 99%، "أمر مخجل ومعيب"، وتأتي في ظل استمرار تغوّل الاحتلال على شعبنا الفلسطيني واستمرار جرائمه وانتهاكه لحقوق الأسرى والشهداء.
وقال: إن التعاون والتفاهم مع الاحتلال منافٍ للقيم الوطنية والنضالية، ومخالف للقرارات الرئيسية المنبثقة عن المجلسين الوطني والمركزي، الداعية لإنهاء العلاقة مع الاحتلال، ووقف التعاون معه، فيما أن عدم تنفيذ ذلك يجعل من قراراتهما "لا تساوي الحبر الذي كتبت به".
ورأى أن استمرار التنسيق الأمني يمثّل طعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني في ظل ما يحاك ضده من مؤامرات، وتنكر الاحتلال الواضح لحقوقه، ويعزز من فرض الاحتلال للواقع الذي يريد بعيدا عن وجود ردة فعل للمقاومة الملاحقة بفعل التنسيق الأمني.
وذكر أن التنسيق الأمني منافٍ لكل القيم، والمبادئ الوطنية، ولا يصب بتاتا في مصلحة القضية الفلسطينية، ويساهم في احداث المزيد من ضياع الحقوق وتشرذم الشعب الفلسطيني، وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
وطالب مزهر بضرورة وقف التنسيق الأمني وتقديم كل من يثبت تورطه في هذا الملف لمحاكمة ثورية عادلة، والعمل على إعادة تعزيز شرعية المقاومة في الضفة الغربية، كرد طبيعي على عملية التهويد الجارية.
وفي شأن منفصل، أكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، أن حديث رئيس السلطة حول ملف التهدئة بأنه لن يمر إلا على جثته، "أمر معيب"، مضيفا "من المخجل والمعيب أن يتحدث عباس بهذه اللغة اذا كان يريد أن يفشل التهدئة من أجل إحداث المزيد من الضغط والآلام على شعبنا بغزة".
وقال مزهر: إن من "يعيش الآلام يجب أن يتحدث بلسان شعبنا في غزة وأن يخفف من الإجراءات الظالمة المفروضة عليه، منذ 12 عاما، وأن يرفع الحصار الظالم"، مضيفا "لا أحد يمنَّ علينا رفع الحصار هذا حق طبيعي".
ولفت إلى أن الجبهة الشعبية لها موقف ثابت وواضح لا يتماهى مع موقف حركة فتح منذ عام 2005 في ملف التهدئة، وترفض أن تُعطى أي تهدئة مجانية للاحتلال.
وفيما يتعلق بملف المصالحة، انتقد مزهر رد حركة فتح على الورقة المصرية الجديدة بشأن المصالحة، مشيرا إلى أن الوقائع تلفت إلى أنه "أسوأ من الرد الأول"، فيما باتت تتكلم عن سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد.
ونبه إلى أن الحديث عن سلطة وقانون وسلاح واحد يعني بوضوح أنه من غير المسموح وجود أي مقاومة أو بنية تحتية لها، وأكثر من ذلك أن تمتلك طلقة واحدة من الممكن أن تستخدمها تجاه الاحتلال، وأن تعيش غزة كما الضفة تمامًا.
وقال: إن السلطة عادت للمربع الأول الذي يهدف نحو تحقيق الهيمنة والسيطرة على قطاع غزة، بينما كان الأولى أمامها الذهاب نحو تنفيذ اتفاقات المصالحة وليس استحداث نقاط جديدة خلافية ومرفوضة.
وذكر مزهر أن سياسة الهيمنة باتت جزءا من عمل السلطة وفعلها على الأرض، كما كان الحال مع مؤسسات منظمة التحرير، مكملا "من يريد أن ينفذ اتفاقات المصالحة والوقوف في وجه المؤامرات ليس بحاجة لاتفاقات جديدة نحن بحاجة لتنفيذ الاتفاقات الموقّعة بشكل آمن".
وأكد من جهة أخرى خطورة الحديث المتكرر للسلطة حول ملف الكونفدرالية مع الأردن، مشيرا إلى أن الحديث حول هذا الأمر وفي هذا التوقيت يأتي لإضعاف القضية الفلسطينية، وفي وقت وقف الشعب الفلسطيني مفشلا لتمرير "صفقة العصر الأمريكية".
وشدد مزهر على أن الأجدر كان أمام السلطة الحديث عن قضية الكفاح الوطني، وتقرير المصير، وليس الحديث عن الكونفدرالية، موضحا أن وجود الدولة وتحقيق ثوابتها يقود بعدها لمناقشة مثل هذه الملفات وطنيا.