رغم أنها أم لـ7 أبناء فإنها تعيش وحيدة في بيتها، إذ إن جيش الاحتلال قتل ابنها عبد المنعم أبو حميد في 31 مايو 1994 بعد مطارته في بلدة الرام بالقرب من القدس المحتلة، فيما يَعتقل أبناءها الستة الآخرين. إنها أم ناصر أبو حميد (72 عاماً) يناديها أغلب أهالي مخيم الأمعري شرق مدينة رام الله وسط الضفة الغربية بلقب "خنساء فلسطين".
وتوفي زوج الحاجة أم ناصر، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2014 بعد صراع مع المرض والمعاناة دون أنْ يتمكّن من رؤية أبنائه واحتضانهم للمرة الأخيرة، لحجج وأسبابٍ إسرائيلية واهية.
30 عامًا بين السجون
استمرت معاناة أم ناصر حوالي 30 عاماً في التنقل بين سجون الاحتلال من أجل زيارة أبنائها المعتقلين، ذاقت خلالها ويلات العذاب التي لا توصف، توجت هذه المعاناة بمنعها من زيارتهم بعدما أبلغتها إدارة السجون أنها أصبحت ممنوعة من الزيارات لأسباب أمنية، وفق ما زعم الاحتلال.
يشار إلى أن ابنها الأكبر ناصر محكوم عليه بـ(7 مؤبدات و50 عاماً) ، والثاني نصر محكوم بـ(5 مؤبدات)، والثالث شريف محكوم بـ(4 مؤبدات)، والرابع محمد محكوم بـ(مؤبدين و30 عاماً) ، أما الخامس جهاد فمحكوم عليه إداريا في سجن عسقلان، وآخرهم السادس إسلام الذي مددت المحكمة العسكرية في سجن "عوفر" اعتقاله والحكم عليه حتى الثامن من أكتوبر 2018.
وتترقب الحاجة أم ناصر بين الفترة والأخرى تنفيذ قرار إسرائيلي بهدم بيتها البسيط، لكنه يحمل الكثير من الذكريات بالنسبة لها خصوصا صور أبنائها التي تزين كافة نواحي البيت، إذ أمهلت سلطات الاحتلال العائلة في 26 أغسطس/ آب الماضي، يومين من أجل إخلاء بيتها، تمهيداً لهدمه.
"مش مهم عندي قرار هدم البيت، لكن المهم عندي أظل أزور أولادي"، بهذه العبارة ترفض الحاجة أم ناصر قرار الاحتلال بمنعها من زيارة أبنائها الأسرى والذي يعتبر انتهاكا لحقوق الانسان، مؤكدة أن البيت من السهل تعويضه لكن من سيعوضها من احتضان أبنائها؟!.
ليست هذه المرة الأولى التي تتلقى عائلة أبو حميد قراراً بهدم البيت، فسبق وهدم المنزل مرتين في العامين 1994 و2003، وهذه هي سياسة العقاب التي تنتهجها حكومة الاحتلال مع عائلات الشهداء والأسرى الذين تتهمهم بتنفيذ عمليات تستهدف جنودا أو مستوطنين.
وجاء قرار هدم البيت بعد اعتقال إسلام أبو حميد (32 عاماً) في 6 يونيو/ حزيران الماضي بتهمة إلقائه "بلاطة" على جندي إسرائيلي من وحدة دفدوفان الخاصة أثناء اقتحام مخيم الأمعري في شهر مايو/ أيار الماضي، حيث أصيب بجروح بالغة، وأعلن لاحقا عن مقتله.
وتزعم حكومة الاحتلال أنها بهدم منازل الشهداء والأسرى تستطيع أن تلجم المقاومين الفلسطينيين عن تنفيذ عمليات ضدها.
الأمل بصفقة تبادل
وتأمل الحاجة أم ناصر كغيرها من الفلسطينيات أمهات الأسرى في سجون الاحتلال أن يكون أبناؤها على قائمة أي صفقة تبادل للأسرى قد تكون قريبة بين المقاومة الفلسطينية في غزة وحكومة الاحتلال خصوصا أن مشيئة الله لم تقض لأبنائها الخروج في صفقة وفاء الأحرار.
وتقول "خنساء فلسطين" في حديثها مع صحيفة "فلسطين": "في الصفقة الأولى كنت متأملة من الله أن يكون أحد أولادي من ضمن الأسرى المحررين، لكن مشيئة الله لم تقدر ذلك".
وتطالب أم ناصر المقاومة الفلسطينية في غزة على رأسها كتائب القسام بالنظر بعين الاعتبار لعائلتها التي قدمت في سبيل الله وفي سبيل الأرض والوطن الشهيد عبد المنعم والذي كان أحد أبرز قادة القسام في الضفة الغربية والملقب بـ "صائد الشاباك"، في أي صفقة تبادل للأسرى قد تكون قريبة- وفق قولها.
وختمت الحاجة الفلسطينية حديثها متمنية إتمام الوحدة الوطنية الفلسطينية بين كافة مكونات الشعب الفلسطيني وتوحيد جهود كل الفصائل من أجل مواجهة الاحتلال.