"ما الذي تتوقعه من طفلٍ شاهد بأم عينيه دبابة إسرائيلية تقتل أصدقاءه!.. أليس من حقه أن يثور غضبًا؟" بتلك الكلمات المعجونة بالأسى استهل العشريني أحمد الناعوق قصته التي تروي حكاية شقيقه الأكبر "أيمن" الذي استشهد في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع الساحلي، صيف 2014.
وعقب انخماد نيران الحرب بأيام، علمت الصحفية الأمريكية "بام بيلي" بقصة أحمد ومدى تأثر العائلة بفقدان أحد أفرادها، فطلبت منه كتابة قصة شقيقه بطريقة مؤثرة تعمل على تحريك عواطف الغربيين.
وهكذا راح أحمد يدون تفاصيل حياة شقيقه الشهيد أيمن محاولُا تسليط الضوء على الأحداث الرئيسة التي حدثت في حياة "أيمن" ممثلة بالحروب الإسرائيلية الثلاث وبعض المشاهد العاطفية التي كان لها الأثر الأكبر على حياة أخيه واتخاذه قرار الانضمام إلى صفوف المقاومة الفلسطينية.
تجارب مريرة
ويقول الناعوق: "بينت أن هؤلاء المقاومين ما هم إلا شباب أحبوا الحياة وأحبوا الوطن فتركوا حياتهم المرفهة وانضموا للمقاومة لصد الاحتلال الإسرائيلي وللدفاع عن وطنهم وأرضهم المسلوبة من نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948".
وحاول الشاب العشريني الاهتمام بالجانب الإنساني بقصته على حساب ما سواه، ليبين من خلاله أسباب انتهاج شقيقه الشهيد طريق المقاومة وكيف عايش الأخير تجارب مريرة كان لها دور في تغيير سير حياته ودفعه إلى حمل البندقية في وجه الاحتلال.
ويضيف لمراسل "فلسطين": "اعتبرت الكتابة وسيلة جيدة للتفريغ النفسي لذلك توجهت لكتابة قصة أخي، راغبًا في الوقت ذاته أن يكون ضَلَعَ ولو بمساهمة بسيطة في تغيير الصورة النمطية عن الفلسطينيين عند الغرب ومواجهة الدعاية الإسرائيلية الخداعة عمومًا".
وأنجز الناعوق كتابة قصته التي جاءت بـ1000 ألف كلمة وحملت عنوان " Ayman: To Israel a target; to me my best friend and brother" ، خلال يومين بينما احتاج لبضعة أيام جديدة في عملية التدقيق والتعديل بإشراف الصحفية "بام بيلي".
وحظيت القصة بعدما نشرتها الصحفية على صفحته بمنصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بتفاعل جيد، الأمر الذي شجعها على إطلاق مشروع يهتم بكتابة قصص أولئك الذين فقدوا أهلهم أو أصدقاءهم خلال الحرب التي استمرت لـ51 يومًا.
وتبنى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فكرة المشروع ودعمها لوجستيًا واستشاريًا، وعقد عدة محاضرات وورش عمل لقرابة 20 شابًا وشابة من قطاع غزة، بهدف تعزيز أساليب مخاطبة الغرب لديهم وطرق الكتابة الإبداعية وآليات استخدام المنصات الإعلامية.
قصة جديدة
الأمريكية "بام بيلي" تعلق بدورها على قصة الناعوق وحكاية شقيقه الشهيد، قائلة: "ما جذبني إلى قصة أحمد أنه أخبرني بقصة جديدة لدينا في الغرب، فكل الروايات التي نسمعها تقول إن الفلسطينيين إرهابيون أو محرضون دون التطرق إلى الجانب الآخر".
وتوضح لصحيفة "فلسطين": "لا أحد يذكر أن المقاومين هم بشر يحبون ويضحكون ويبكون وأنهم قد انضموا إلى صفوف المقاومة بسبب الظلم الواقع عليهم وعلى عائلاتهم ونتيجة لشعورهم العميق بالظلم وعدم القدرة على مساعدة شعبهم.. وهذا ما يجب علينا جميعًا فهمه".
وسعت بيلي إلى خدمة شبان غزة ومساعدتهم في كتابة قصصهم ووجهات نظرهم وربطهم مع كتاب عالميين يساعدونهم في إنتاج أعمال توصل رسالتها دون لبس، مضيفة: "أريد أن أكون جزءًا ولو بسيط في التأثير على الوسط الغربي ودفهم لتغيير نظرتهم تجاه الفلسطينيين".
وتؤكد الأمريكية أن من واجب النشطاء الأوروبيين العمل الجاد على تغيير الوضع الحياتي بعد انتهاء الحرب وفق ذات النشاط الذي كانوا يمارسونه أثناء الحرب، فـ "نقص الكهرباء وعدم القدرة على السفر يعد مدمرًا بقدر ما تعد الصواريخ مدمرة"، وفق ما ذكرت بيلي.