فلسطين أون لاين

​لخيالها الخصب وفرط انفعالِها

الدراما والعلاقات العامة أكثر وظيفتين تناسبان الشخصية الهستيريّة

...
غزة / اسطنبول - حنان مطير

اعتدنا أن نَصِفَ الشخص الذي تنتابه حالة مفرطة من الضحك أو البكاء بأنه يتعرض لحالة هستيرية، وكثيرون يرتبط بذهنهم أن الشخصي الهستيري شخصٌ مجنون، فهل حقيقة "الهستيريا" هي تلك التي نعرفها؟

"فلسطين" تحاور المستشارة النفسية والتربوية الدكتورة عبير طلعت من إسطنبول، لتُطلعنا على مواصفات تلك الشخصية، وعلى علامات الإصابة بذلك الاضطراب وطرق الوقاية والعلاج منه في التقرير التالي:

وأول ما تبدأ به د. طلعت توضيح المواصفات التي تتصف بها تلك الشخصية وأهمها أنها تعاني من اضطراب فرط التعبير في الانفعال، وأكثر ما تحبّ في حياتِها، لفت النظر والمديح والأضواء، تحب أن ينظر إليها كل الناس، وبالتالي لو كانت فنّانة فإنها تتفنّن في ارتداء الملابس المثيرة والصاخبة، ولو كانت فتاةً محجبة الرأس ستتفاجأ من باقي ملابسها المثيرة، وقد تجد غير المحجبة أحيانًا أكثر وقارًا منها.

ولو كانت زائرة أو مشاركة في حفل زفاف مثلًا ستلاحظ أنها تقترب من العروس وتجالسها كما يفعل الأطفال، كذلك ستجد أنها تُزيّن نفسَها بكل ما يقرّبها من "العروس" سواء في اللون أو الأصباغ أو غيرهما، وتحرص على أن يكون فستانها لا يشبهه أي فستان.

أما لو كان الشخص الهستيري لاعب كرة ستجده يؤدي لعبةً انفرادية وليست جماعية حتى ينظر المتفرجون إليه فقط، فلا يكون هدفه التصويب أبدًا إنما النظر إليه.

وتبين د. طلعت أنّ نسبة إصابة النساء باضطراب الشخصية الهستيرية أكثر من الرجال، وتقول: "لفت الانتباه العادي هو أمر صحي وطبيعي في كل إنسان، فالإنسان بطبيعته يحب التقدير والاهتمام والشعور بمكانته وقيمته، أما إن صار في الأمرِ فرطٌ فهنا تلمح الشخصية الهستيرية".

وتضيف: "وتتصف تلك الشخصية بأنها ملولة جوفاء وغير قادرة على إكمال علاقة، فلو كانت طالبة جامعة مثلًا فإنها سرعان ما تفشل علاقاتها مع صديقاتها، واحدةً تلو الأخرى، وهي في الغالب تكون من النساء الجميلات الملفتات للنظر، وتعيش بلا هدفٍ، على عكس الشخصية النرجسية".

وتبيّن أن تلك الشخصية تتعمّق في الخزعبلات وأمور السحر والفنجان والأبراج، وتخاف جدًا من الحسد، أما انفعالها الشديد وغير المتزن فيكون نتيجة عدم اهتمام الآخرين بها، ففي موقفٍ ما قد تستغرب من بكائها وخلقها لمشكلة معينة وقد تنهار وتفقد وعيها، ويكون السبب الأساسي لفت الانتباه ليس إلا".

وفي الغالب فإنها إن لم تحصل على ما تريد من الاهتمام والمديح تفتعل المرض وتوحيه لنفسها وتتخيله لأن الخيال والإيحاء الشديد عالٍ جدًا عند تلك الشخصية، لكن أعراض المرض لا تكون موجودة لديها، وقد يحدث الأمر عند المرأة حين تكبر في السن ويتزوج أبناؤها وتختفي الأضواء من حولها، وفي هذا تأكيد من د. طلعت على ضرورة بر الوالدين والاهتمام بهما بقدر ما أمر الله تعالى تجنبًا لأي اضطرابات.

وسبب ذلك الاضطراب يكون من البداية إما للاهتمام الشديد بشكل الطفل وليس مهاراته وإمكاناته وقدراته وأخلاقه، والانبهار بجماله فقط، أو الإهمال الشديد له وعدم مدحه وتهميشه ونبذه، فهو يولد لديه استعدادًا جينيًّا، والتربية هي من تدعّم هذا الأمر لينتقل من مجرد صفات هستيرية إلى اضطراب هستيري، أو تخفف من حدّته بتوجيهه للاتجاه السليم وفق د. طلعت.

وتبين أن تدعيم السلوك عند الأطفال يكون من خلال توفير المطلوب أيًا كان نوعه للطفل، كلما كان تصرفه وانفعاله أكثر حدّة وشدّة، فيصبح لديه ارتباط شرطي وتزيد مشكلته.

والوقاية من ذلك الاضطراب يكون منذ طفولة الصغير، فلو لاحظت الأم على طفلِها تلك العلامات فيبكي بحدة إن لم يجد نفسه صاحب الاهتمام الأول وبؤرته فعليها ألا تهمل الأمر، وتعرف السبب إن كان اهتمامًا زائدًا به أو إهمالًا شديدًا له وتسعى للوسطية في الأمرين، وقد تجد الكبير وخاصة الفتيات والنساء اللواتي يعانين من الاضطراب الهستيري ينهرن ويبكين وينزوين ويمثلن أحيانًا أنهن ينتحرن وهذا ما يسمى انتكاسًا لهستيريا طفولية كما توضح د. طلعت.

وتوضح: "تلك الشخصية بالعادة تعاني من البرود الجنسي، وبالتالي فإنها ستكون مبهرةً أكثر للرجل الكبير في السن قليلًا، حيث يكون الرجل قد أدى رسالته وهدفه في الحياة، وبالمقابل فإنها تضفي على حياته نوعًا من التغيير والتجديد كونها من عاشقات الاهتمام بالشكل من لبس وزينة وما إلى ذلك...".

وتبين أنه غالبا ما تكون المصابة باضطراب الهستيريا قد خُدِعت في حياتِها أو تعرضت لخيانة ومعاكسات كثيرة أو تحرش، وتلك الشخصية لا قدرة كبيرة لديها للتعليم فتلجأ للفن فتجد معظمهن من المشاهير، حيث تعتمد الكثيرات منهن على الشكل والإغراء فقط، وبسبب قدرتها على الخيال والإيحاء فإنها تتفوق في الدراما وتقديم المشاهد التمثيلية، موضحة أن هذا لا ينطبق على بعض الفنانات اللواتي تعلّمن وتميّزن ولكن يعتمدن الإغراء لكسب الجمهور.

كما أنها ناجحة في العلاقات العامة والاستقبالات وفي التسويق وفي أن تكون واجهة اجتماعية رائعة، على عكس الشخصية الدقيقة ذات القدرات العلمية العالية التي غالبا ما تكون جدية فيملّ منها الآخرون وفق د. طلعت.