فلسطين أون لاين

​الأسير سامي أبو دياك..

بائع حلوى يتجرع مُرَّ المرض في سجون الاحتلال

...
صورة أرشيفية
جنين – غزة / حنان مطير :

كانت فرحة الأب أبو سامر أبو ديّاك غامرة، فقد تمكّن –أخيرًا- ابنُه الأصغر "سامي" من استلام عملٍ يكسب منه قوت يومِه ويشغل به فراغَه، ويؤسس به مستقبلًا جميلًا في عمر الثامنة عشرة حيث مدينة الناصرة الباهرة، ففي أحد المحلَّات التجارية هناك يبيع الحلوى ويمضي وقتًا طويلًا في ذلك العمل، يغفو ويستيقظ في تلك المدينة ولا يعود لبيتِه في بلدة سيلة الظهر جنوب محافظة جِنين إلا بعد فترة اشتياق كبيرة لأهلِه.

تلك الفرحة قُتِلت عام 2002 بمجرّد أن اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيليّ سامي، بينما حوّلها المرض الذي لا يفارقُه إلى أسىً وحزنٍ يلازم والدَيه والعائلة بأكملِها وفق ما يروي أبو سامر لـ"فلسطين".

وكان سامي من مواليد الكويت، بعد عودتِه منها قد التحق في جهاز السلطة، لكنه تركَه بعد فترةٍ تقارب العام، أما تهمته التي حوكِم عليها من قبل جيش الاحتلال بـثلاثة مؤبدات فكانت الاشتراك مع آخرين في تصفية عدد من الجواسيس، بينما الثلاثون عامًا الإضافية فكانت بسبب تذمّره من الحُكم وسبّه للقاضي.

يعلق والدُه أبو سامر ساخرًا:" وهل يهمّ الأسير ثلاثين عامًا إن كان قد حُكِم عليه بمؤبداتٍ ثلاث؟!".

ويوضح:" كان سامي شابًا يافعًا في ريعان شبابِه وصحّته، لم يكن يعاني من أي مرضٍ يُذكَر قبل أن يُصاب برصاص جيش الاحتلال ويتم اعتقاله ويعاني هناك من ويلات المرض الذي لم يقع لولا الاهمال الطبي الذي عايشه في السجون".

ويتساءل مستبعِدًا: "وهل من يدخل سجن العدو الإسرائيليّ يخرج سليمًا؟! هذا إن خَرج، فالاحتلال أجرم مما يمكن أن يتخيّله العقل والإنسانية".

ويقول بأسف: "لقد وصل الإهمال الطبي بالأسرى في سجون الاحتلال أن يتم إجراء عملية خاطئة والخطأ فيها مقصود ومتعمّد، إذ تم استئصال 80 سم من الأمعاء الغليظة لابني سامي، وذلك باعتراف مدير السجن، وقد قام ابني بتقديم شكوى وتم الاعتراف بذلك من قبل مستشفى "سوروكا" التي عُولِج فيها".

ويضيف: "بعد ذلك تم نقله إلى مستشفى الرملة وقد أصيب هناك بالتلوث ثم التسمم نتيجة عدم نظافة السجن، ما أدى إلى تدهور خطير في حالته الصحية، وقد نُقِل إلى مستشفى "أساف هروفيه"، ومن ثم أعاده الاحتلال إلى مستشفى الرملة".

ويتبع:" حتى في تنقلاته من المشفى للسجن وهو في أوج مرضِه، كان يتم نقله عبر الوسيلة الأكثر ظلمًا وأذىً للأسير وهي "البوسطة" الحديدية، فقد انتقل ما يقارب 4 مرات دون مراعاة لمعاناته ومرضه الشديد".

وقد كان منذ البداية يأخذ الأدوية والمسكنات بدون فحص طبيّ، حيث كان يتم إرجاع آلامه لأسباب تافهة من قبل الاحتلال، فلا يتم الكشف عن السبب".

ويذكر والد الأسير المريض سامي أنه أُعلِن قبل عامين استشهاده لشدة ما كان مريضًالكن قدر الله شاء أن يعيش أيًا كانت صحّته.

أبو سامر اليوم ما يزال لا ينسى مشهد ابنِه في إحدى زياراته له في سجن الرملة، ولا ينسى مشهد والدتِه حين رأت سامر قد تغيّرت ملامحُه وهِيئتُه وبات كما لو أنه شخص آخر لشدة ما عانى من المرض نتيجة هذا الإهمال الطبي فنزل وزنه ليصل أقلّ من النصف.. يُعبّر.

ويقول لـ"فلسطين":" كان من المقرر عقد جلسةٍ للنظر في أمر الإفراج المبكر عن سامي في شهر أكتوبر العام الماضي، وتم تأجيل الجلسة للشهر الذي يليه، ثم لم تُعقَد تلك حتى اليوم، ولم يتم الحديث عن أمر الافراج عنه أبدًا فيما بعد، بالرغم من أنه لم يعد يشكل أيّ خطرٍ على الاحتلال".

ويذكر أن سامي ليس الابن الوحيد لأبي سامر في سجون الاحتلال إنما ابنه البكر سامر هو الآخر قابع في تلك السجون، وقد حُكم عليه بالسجن المؤبد و25 عامًا أخريات.