قائمة الموقع

​المُسعف "القططي".. لن يحضر حفل استلام شهادته الجامعيّة

2018-08-12T10:20:58+03:00
صورة أرشيفية

"شاردين من موت لموت لعل الموت الثاني أرحم من الموت الأول.. خلصت الحكاية" كتبها المسعف الشهيد عبد الله القططي (21 عاما) وهو لا يدري أنه سيكون حكاية جمعة "الحرية والحياة لغزة".

وكعادته جهز القططي الذي يعمل ممرضًا متطوعًا في فريق "نبض الحياة" نفسه وارتدى الملابس الطبية البيضاء، وسبق وفود المتظاهرين السلميين إلى النقطة الطبية شرق رفح، للتأكد من تمام التجهيزات الطبية كافة، اللازمة لإسعاف المصابين.

كانت أحداث الجمعة الـ20 لمسيرة العودة دراماتيكة، قنابل غاز، ورصاص كثيف، دخان يتصاعد من إطارات السيارات التي يحرقها المتظاهرون السلميون للتعمية على جنود الاحتلال، يقول المسعف صقر الجمال الذي كان بجوار زميله القططي لحظة استهدافه.

ويروي الجمال اللحظات التي عايشها مع زميله القططي في ذلك اليوم، حيث إن الأخير طلبت منه مسؤولة الفريق التطوعي تقسيم الفريق إلى ثلاث مجموعات وأن يكون قائدا لإحداها.

كان المسعف القططي يتقدم صفوف المتظاهرين الأولى، حسبما يذكر زميله، يخاطر بنفسه وهو يرتدي ملابسه الطبية، وفي غمرة الأحداث شرق رفح أصيب شاب من عائلة "العالول" بعد تعرضه لرصاصة أطلقت من دبابة واخترقت منطقة الصدر وخرجت من ظهر المصاب.

يكمل الجمال: "على الفور ذهب عبد الله لإنقاذه وكانت دماء العالول تنزف بشدة واستطعنا نقله إلى الإسعاف".

لكن القططي عاد إلى مكان الاستهداف ليتأكد من عدم وجود إصابات أخرى وهو ما كان، وما إن أدار ظهره وهمّ بالعودة إلى النقطة الطبية حتى باغتته طلقة إسرائيلية ربما انتظرته ليستدير وأصابت ظهره، يقول الجمال، مشيرًا إلى أن القططي كثيرًا ما خاطر بحياته لأجل المصابين ركضًا وزحفًا لمسافات قريبة جدًا من السياج الأمني الذي يختبئ خلفه قناصة جيش الاحتلال "فلم يكن مشهد استشهاده إلا واحدًا من مشاهد كثيرة عايشها وهو يسعف الأطفال والنساء والرجال".

والفكرة التي حملها القططي وعبر عنها في منشوره الأخير على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" هي نفسها الإجابة حينما سأله أحد أصدقائه عن مغزى الاستمرار بمسيرة العودة، إذ كتب يقول: "مثل كل جمعة رايح على الحدود بس هالجمعة غير، رايح مثل أي شاب ثائر بدافع عن وطنه وأرضه مو هاممنا شو مبتغى المسيرة وشو هدف كل تنظيم من المسيرات... اللي بهمنا أرضنا وعرضنا"، كان ذلك آخر ما كتبه على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

كان عبد الله القططي قد أنهى حديثًا دراسته الجامعية في مجال "علم النفس" من جامعة الأقصى، ويستعد لاستلام شهادته في الحفل الذي انتظره على أحر من الجمر بعد نحو شهر، لكن طموحه وأحلامه دمرها "رصاص الاحتلال الذي لا يرحم حملة الواجب الإنساني"، بغضب يقول عمه القذافي القططي.

ويصف ما حدث مع القططي بـ"الجريمة البشعة"، فقد كان يرتدي ملابس بيضاء ويضع إشارات واضحة تدلل على هويته "الأمر الذي يستدعي من المجتمع الدولي محاكمة الاحتلال على قتله المسعفين".

عبد الله الذي أصيب شقيقه محمد (23 عاما) خلال مشاركته في مسيرات العودة رحل، والكلام لا يزال لعمه، تاركا شقيقه محمدا وشقيقاته الخمس يتجرعون مرارة الفراق وجرح جديد يسكن قلوبهم، لم تستطع دموع والدته كغيمة سكبت أحزانها على باب المشفى، ولا حتى بكاء زملائه وزميلاته التي استندت بجراحها إلى جدران المشفى إعادته، فالرصاصة الإسرائيلية خطفت روحه منهم، وأبقته كطيف جميل يحوم في ذاكرتهم.

اخبار ذات صلة