فلسطين أون لاين

​أبناء الأسرى.. ضحية قطع السلطة لرواتب آبائهم

...
جانب من وقفة لأبناء الأسرى المقطوعة رواتبهم (تصوير / رمضان الأغا)
غزة - يحيى اليعقوبي

لم تتوقع الطفلة سندس (12 عاماً)، ابنة الأسير وائل عودة المحكوم بالسجن 12 عاماً في سجون الاحتلال، أن تقطع السلطة في رام الله راتب والدها الذي بالكاد يغطي الحد الأدنى من احتياجاتهم، إذ لا تستطيع هذه العائلة دفع تكاليف إيجار بيتهم منذ عدة أشهر بعد قطعه.

سندس واحدة من بين عشرات الأطفال الذين اعتصموا أمس أمام خيمة التضامن مع الأسرى المقطوعة رواتبهم مقابل مجلس الوزراء بمدينة غزة، مطالبين السلطة بإعادة صرف الرواتب.

تقف سندس بين الأطفال المعتصمين وهي ترفع لافتة مكتوباً عليها "قطع رواتب الأسرى جريمة وطنية وأخلاقية"، وتقول لصحيفة "فلسطين" إن راتب والدها بالأصل لا يزيد عن ألف شيكل، ولا يكفي حتى لسد إيجار شقتهم وتلبية المتطلبات الأساسية للمنزل.

وأضافت أن السلطة ومنذ أكثر من عام تخصم من راتب والدها الأسير 50%، إلى أن انتهى الأمر لقطعه نهائياً مما فاقم معاناتهم، موجهةً رسالة للسلطة وعلامات الحزن بادية عليها: "حرام أن يتم قطع رواتب الأسرى ومستحقاتهم لأنه المعيل الوحيد في البيت".

"الراتب حق مكفول بالقانون الأساسي"، هذه لافتة رفعها أحد الأطفال المشاركين، فيما حملت اللافتات الأخرى شعارات من ضمنها "قطع الأرزاق من قطع الأعناق"، و"أعطوا أسرانا حقوقهم".

عقوبة التضحية

من جانبه، قال الطفل أحمد ابن الأسير محمد مرتجى في كلمته نيابة عن أبناء الأسرى خلال الاعتصام: "إنني لم أتوقع يوماً أن أقف في هذا المؤتمر لأطالب برفع العقوبة عن والدي"، مضيفاً: "عن أي عقوبة أتحدث، عن راتبه، وحقه وحق عائلته وأبنائه به".

وتساءل الطفل مرتجى "لماذا أحرم من أبسط حقوقي وهي أن أعيش بكرامة دون أن أتسول؟"، لافتاً إلى أن الاحتلال حرمه من رؤية والده، واليوم السلطة تقطع عنه مصدر رزقه هو وباقي الأطفال.

وأوضح أن الراتب أقل واجب على الجميع توفيره للأسرى، مقابل تضحيتهم واعتقالهم تاركين خلفهم زوجات وأبناء بحاجة للمأكل والمشرب والدواء والرسوم الجامعية، والعيش بحرية، متسائلاً: "هل جزاء من دفع الثمن من عمره أن يقطع راتبه ويحرم أبناؤه من العيش بكرامة؟".

وتابع: "كنا نستجدي الحنان ونتمنى رؤية الأب لكننا اليوم أصبحنا نشعر بالخوف والقلق على هذا الأب، الذي يعاني القهر من الجميع، ويفكر فيمن سيجلب لنا الطعام ومن سيعطينا مصروفنا"، مطالباً بفصل قضية الأسرى عن التجاذبات السياسية وصرف رواتبهم.

مماطلة وتسويف

من جانبه، قال مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين عبد الله قنديل، إن أبناء الأسرى يقفون الموقف التاريخي المشرف بحقهم رغم الألم، معتبراً قطع الرواتب "عاراً كبيراً سيكتبه التاريخ بأحرف من خزي وشنار".

وأشار قنديل خلال الاعتصام إلى أن الأسرى يضربون عن الطعام للأسبوع الثاني على التوالي؛ احتجاجاً على قطع رواتبهم دون أن تصدر السلطة وحكومتها أي موقف تجاه ذلك، محذراً من أن الحركة الأسيرة ستقوم بما هو أكبر ولن تبقى عند الخطوات الحالية.

كما حذر من خطورة خطوة السلطة بتحول هيئة شؤون الأسرى إلى لجنة بعد أن كانت في السابق وزارة، معتبراً ذلك تساوقاً من السلطة مع قرارات "الكنيست" الإسرائيلي الذي أقر خصم قيمة ما تدفعه السلطة للأسرى من عائدات الضرائب.

وعدّ قرار إقالة رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع بعد رفضه استمرار قطع الرواتب عن أسرى قطاع غزة "تلاعباً بقضية الأسرى"، مبيناً أن قراقع من أفضل من جاء على وزارة الأسرى وكان لا يميز بين أبناء الفصائل سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة.

ونبه قنديل إلى أن الفعاليات خلال الفترة الماضية اتسمت بالهدوء لأن هناك وعوداً من قبل شخصيات في حكومة الحمد الله ومنظمة التحرير ورئاسة السلطة، بصرف رواتب الأسرى المقطوعة، إلا أن هناك مماطلة وتسويفا من قبل السلطة، وهناك من "يلعب في الظلام" بهدف الإساءة لقضية الأسرى.

وبين أن لجنة الأسرى تأمل صرف الرواتب قبل أن تقدم الحركة الأسيرة على خطوات تصعيدية في داخل السجون.