قائمة الموقع

كيف استقبل السكان العرب قرار بلدية باريس؟

2017-01-15T09:09:55+02:00

للوهلة الأولى، لم يبدِ الفلسطيني ناصر مهنا إعجابه بقرار بلدية باريس بحظر مرور السيارات في الميادين داخل العاصمة الفرنسية والاقتصار على استخدام الدراجات الهوائية، ولكن بعدما علم بأهميته الصحية والبيئية تغير رأيه وباتت الدراجات وسيلته المفضلة في الحركة.

وفي مطلع العام الجديد 2017 أقرت بلدية باريس قانونا يحظر مرور السيارات في الميادين الرئيسة والعامة وتخصيص مسارات للدراجات، وذلك في إطار جهودها لمكافحة التلوث والحد من انبعاثات عوادم السيارات، بعدما كان القرار في السنوات العشر الماضية غير إلزامي.

"فلسطين" تواصلت مع بعض الفلسطينيين والعرب الذين طبقوا عليهم القانون للتعرف على مدى تأقلمهم مع القرار الجديد كونه التجربة الأولى من نوعها ومدى إمكانية نقل التجربة إلى بلادهم حال عودتهم إليها.

الفلسطيني مهنا، الذي يعمل منذ سنوات في شركة فرنسية للهندسة التطبيقية، أبدى امتعاضه من القرار في بداية الأمر، كونه سيضطره للتأخر عن موعد وصوله إلى مقره عمله وعدم جدوى القرار في حال انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، قبل أن يغير الأربعيني رأيه.

ويعلق مهنا: "لم تقر بلدية باريس القرار هكذا دون حوافز مسبقة، بل وفرت كل السبل لإنجاحه، كإنشاء مئات المحطات الخاصة بتأجير الدراجات الهوائية للمواطنين وتحديد طرق داخلية وخارجية للدراجات فقط، وكذلك دعمت أصحاب المحطات وجعلت أول نصف ساعة من تكلفة تأجير الدراجات مجانيًا".

عاصمة الدراجات

وأوضح أن "القرار إيجابي من ناحية مادية أيضًا، ففي باريس تتوفر عدة وسائل للتنقل والوصول إلى المراكز الحيوية، كالحافلات والسيارات الصغيرة والكهربائية التي يمكن استئجارها بالخدمة الذاتية ومترو الأنفاق، وتبلغ تكلفة كل تلك الوسائل نحو سبعة يوروهات عن كل ساعة، إلا أن تكلفة استئجار الدراجات الهوائية لا يزيد على اليورو ونصف اليورو في الساعة".

وعملت بلدية باريس على تطبيق جملة من الإجراءات التمهيدية والمشجعة على الالتزام بالقانون، منها تخصيص بعض الأيام خلال السنوات الماضية للدراجات الهوائية فقط دون السماح للسيارات بالدخول إلى شوارع المدينة من أجل توعية المواطنين بأهمية مكافحة التلوث والاختلال المناخي.

ويستذكر السعودي عبد الله القصيبي أحد تلك الأيام ويقول: "خلت معظم شوارع العاصمة وساحاتها الكبرى من السيارات في حدث نادر، وفي ذلك اليوم استعمل الفرنسيون والعرب كذلك الدراجات الهوائية واستمتعوا بالمشي وسط شارع جادة الشانزيليزيه المزدحم عادة".

وعن مدى تأقلم العرب مع القرار، يضيف: "بشكل عام كان هناك استجابة مع القانون والالتزام به من الباريسيين والأجانب على سواء، فعملية الإقرار كانت بالتدرج وتكلفة التنقل عبر محطات الدراجات الهوائية زهيدة ومرنة مقارنة بالوسائل الأخرى".

وبين القصيبي أن استخدام الدراجات أكثر رشاقة وجمالًا ويمنح الشخص فرصة التمتع بالأجواء الباريسية الساحرة، وكل ذلك يساعد في حل المشكلة الرئيسة المتمثلة الاختناق الذي يملأ شوارع المدن والتلوث الذي تضيق به صدور الناس والزوار، الأمر الذي يجعل باريس "عاصمة الدراجات".

تغيير ثقافة

أما يوسف حماد فأشار إلى أن معدلات استخدام الباريسيين للدراجات كانت متدنية على عكس مدن أوروبية أخرى إلا أن إجراءات الحكومة الفرنسية في السنوات العشر جعلت من ركوب الدراجة ثقافة سائدة ومفضلة لدى السكان.

وذكر أن الدراجات الهوائية هي الحل الأفضل لمشكلة زحمة الشوارع والتلوث التي تؤثر على البيئة والناس لذلك كان لزامًا على الجميع تنفيذ القانون أجانب أو مواطنين، مبينًا أن رئيسة بلدية باريس "آن هيدالجو" تتخذ من الدراجة وسيلة للتنقل.

ورأى حماد أن جل الدول العربية غير مجهزة للتعامل مع مثل هكذا قرارات رغم أهميتها، في ظل افتقار المواطنين للثقافة اللازمة لذلك وغياب البنية التحتية المخصصة للدراجات الهوائية.

ووفقا لرئيسة بلدية باريس فإنه سيكون هناك مسار جديد مزدوج للدراجات بطول 4 كيلومترات بطول شارع ريفولي، وهو شارع رئيس ضخم، ومن أكثر شوارع المدينة شهرة ويربط بين ميداني الباستيل والكونكورد.

اخبار ذات صلة