فلسطين أون لاين

"عكاز الأمل" يجمع أربعة أشقاء أصابهم رصاص الاحتلال

...
غزة - الأناضول

اختزلت رصاصات الاحتلال الإسرائيلي التي اخترقت أقدام أربعة أشقاء من عائلة دياب، القاطنة في مخيم البريج وسط قطاع غزة، تفاصيل حياتهم اليومية، لتصبح مكونة من فصلين.

الأول يبدأ صبيحة كل يوم، فإما أن يقضي الأشقاء الأربعة ساعات نهارهم داخل المستشفيات لاستكمال علاجهم، بعد أن أصيبوا برصاص الاحتلال خلال مشاركتهم في مسيرة العودة، أو أن يظلوا جالسين أمام منزلهم تحاصرهم العكاكيز التي باتت تشكل جزءا ًمهماً من حياتهم، وربما من أجسادهم.

أما الفصل الثاني فيبدأ بعد ساعات المساء، حيث يضرب الوجع بشكل مكثف أجساد الأشقاء الأربعة.

وبالقرب من منزلهم على قارعة الطريق، يجلس كل من محمد (29 عاماً) وتوأمه أحمد (29 عاماً) وشقيقه بلال (27 عاماً) على كراسي بلاستيكية ساندين عكاكيزهم إلى الحائط.

ويتوسطهم الشقيق الأصغر سعيد (19 عاماً) الذي كان يجلس على كرسي متحرك بسبب إصابته في كلتا قدميه.

ورغم الإصابات التي تسببت بإعاقتهم عن ممارسة تفاصيل الحياة، إلا أن الأشقاء الأربعة يقولونإنهم "يتمسكون بالأمل".

ولن تثني الإصابات الأشقاء الأربعة عن المشاركة في مسيرات العودة الأسبوعية، حتى عودتهم إلى قرية "المسمِيّة" التي هجر منها أجدادهم عام 1948، بحسب قولهم.

وفي اليوم الأول من بداية مسيرة العودة وكسر الحصار نهاية مارس / آذار الماضي، أصيب الشاب سعيد برصاص الاحتلال المتفجر في قدميْه الاثنتين، تسببت بتفتت وتكسّر في العظام.

وأجرى سعيد كما قال، نحو 5 عمليات جراحية في كلتا قدميه، ولا يزال يضع المثبتات الطبية (القضبان المعدنية) الخارجية والداخلية في قدمه اليسرى، ويمشي بواسطة كرسي متحرك.

ونظراً لصعوبة الإصابة وحجم الآلام الكبير الذي سببته، لم ينجح سعيد في الحصول على شهادة الثانوية العامة لهذا العام.

ويقول: "نعم، بسبب الإصابة والانشغال بالألم والعلاج، رسبت في الثانوية العامة".

ويتابع: "فقدت سنة من عمري بسبب الإصابة، لكنني مصمم على إعادة العام الدراسي، الأهم الآن أن أعود للمشي دون هذا الكرسي".

وأما التوأمان أحمد ومحمد وشقيقهم بلال فقد أصيبوا ثلاثتهم في 11 مايو / أيار الماضي.

وأجرى الشاب بلال نحو 4 عمليات لقدمه اليمنى بعد أن تسببت الرصاصة بتفتت في عظم ساقه، على حد قوله.

فيما يعاني محمد كسراً في "ركبة" قدمه اليسرى، بسبب إصابة رصاصة الاحتلال لها بشكل مباشر.

في حين أصيب توأمه أحمد برصاصة متفجرة في فخد قدمه اليمنى، وخضع لحوالي 14 عملية جراحية بسبب صعوبة وضعه، كما قال.

الشاب محمد هو الوحيد المتزوج من بين أشقائه الأربعة، لديه طفلة لا يتجاوز عمرها عامين.

ويسكن الشاب المصاب برفقة زوجته وطفلته في شقة سكنية صغيرة مستأجرة.

ويعتبر محمد المعيل الوحيد لأسرته، لكنه يتخوف اليوم أن تقف الإصابة عائقاً تحول أمام استمراريته في عمله بمصنع للحجارة.

كما يتخوف شقيقاه الآخران أحمد الذي يعمل معه في مصنع لصناعة حجارة البناء، وبلال الذي انخرط في مهنة البناء، على أعمالهم ومصدر دخلهم الوحيد بعد إصابتهم.

وتحتاج أعمال الأشقاء الثلاثة إلى ساعات طويلة من الوقوف على القدمين، وسرعة الحركة، وهذا ما تحرمهم إياه إصاباتهم.

ويقول محمد: "الإصابة أثرت على حياتنا، لم نعد إلى أعمالنا بعد، فقدنا مصدر الدخل الأساسي".

ويذكر أنه وأشقاءه باتوا يمضون أوقاتهم جالسين أمام باب بيتهم دون ممارسة أي عمل.

وفي ساعات الليل المتأخرة، تتسلل أنّات الشبان المصابين إلى غرفة والدتهم، ما يدفعها للإسراع إليهم للتخفيف من آلامهم وإن كان بـ "الدعاء".

ويعتمد الأشقاء الثلاثة الذين يعيشون في منزل العائلة على والدتهم في كل أمور وتفاصيل حياتهم.

يقول سعيد: "كل ما نحتاجه من أصغر تفاصيل الحياة تلبيه لنا الوالدة".

وتقول الوالدة مروة عياش: "أشعر بغصة في قلبي عندما أرى أبنائي على عكاكيز، وآخر على كرسي متحرك".

وتطالب عياش بـ "توفير العلاج الكامل لأبنائها الأربعة من أجل تماثلهم للشفاء".

كما يناشد الأشقاء الأربعة المؤسسات الصحية المحلية والدولية توفير العلاجات اللازمة لتماثلهم للشفاء بشكل كامل.

ويتمنى الشبان الفلسطينيون أن تعمل أي من الدول العربية والإقليمية على "إجراء العمليات الجراحية اللازمة لهم، في ظل نقص إمكانات القطاع الصحي بغزة، للعودة إلى أوضاعهم التي كانوا عليها قبل الإصابة".

ويتظاهر آلاف الفلسطينيين ضمن فعاليات مسيرة العودة في عدة مواقع قرب السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية التي تحتلها (إسرائيل) منذ نهاية مارس / آذار الماضي، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، ورفع الحصار عن قطاع غزة.

ويقمع جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك المسيرات السلمية بعنف، ما أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين، وإصابة عشرات الآلاف.