قائمة الموقع

ريشةٌ وخيطٌ وإبرة.. جمعت هوايات "هبة الزغلول"

2017-01-14T07:36:41+02:00
صورة أرشيفية لهبة الزغلول

بعد أن أدمى الوجع قلوب أهلها الفلسطينيين بفعل ممارسات الاحتلال الذي يضرب بكل القوانين الدولية عرض الحائط، أرادت أن يكون لها طريقتها الخاصة في تحويل ألم شعبها ووجعه إلى شعاع أمل يتسلل إلى قلوبهم ويثبت لهم أن الأمل متجذرٌ وباقٍ، فنحن شعب يحب الحياة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ومن هنا صاغت رسالة لذلك الغاصب الذي يتفانى في إثقال كاهل الفلسطينيين بالمعاناة بشتى صورها من خلال فكرة جديدة، بحيث تصوّر، من خلال رسوماتها، شباب انتفاضة القدس كأبطال خارقين، مستفيدة من الصور التي يلتقطها المصورون الصحفيون الذين يعملون في الميدان، فهي تتعامل مع هذه الصور كمادة خام لأفكارها.

الفلسطينية هبة الزغلول (29 عامًا) من بلدة "ترمسعيا" شمالي رام الله، مُغتربة تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من ثماني سنوات، ورغم بعدها عن وطنها، إلا أن ريشتها تداعب حبها له، كانت قد درست التصميم في كلية فلسطين التقنية، وحاليا تحلم أن تكمل مشوارها في مجال تصميم الأزياء.

شرارة الفن

لم تكن انتفاضة القدس هي بداية انطلاقة مسيرتها الفنية، بل سبق ذلك رسوماتها التضامنية أثناء العدوان الأخير على قطاع غزة، والتي كانت بمثابة شرارة لموهبتها في الرسم والتصميم للدفاع عن غزة، ومع بداية الهبة الجماهيرية في الضفة الغربية بدأت بتحويل صور بعض شباب الانتفاضة المشاركين في المواجهات مع الاحتلال إلى رسومات كرتونية وخيالية مثل "سبايدر مان" و "سوبر مان"، وتوسعت في تصميماتها بمزيد من الأفكار، فرسمت لوحة لفتاة ألبستها الزي التراثي تحمل العلم الفلسطيني وتشارك في المواجهات، وهي تفعل ذلك بالرسم على اللوحات، وبتصميم الصور باستخدام الحاسوب.

وتقول في حوار مع "فلسطين": "في بعض الأحيان يحدث تشابه كبير بين الحقيقة والخيال، وذلك في عدة نقاط منها القوة والحركات والعزيمة وإرادة الشاب الفلسطيني".

وتستقي الزغلول أفكار لوحاتها من الأحداث اليومية في وطنها، من خلال متابعتها للنشرات الإخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وبذلك تتمكن من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بطريقتها الخاصة رغم أنها مغتربة، وبمقاومتها تستطيع أن تفرغ طاقة الحزن التي تتولد نتيجة الجرائم المتكررة من قبل الاحتلال، كما أنها تركز في رسوماتها على زراعة الصمود والتحدي، وإضافة لمسة أمل.

بدأت الفنانة الفلسطينية بالرسم منذ نعومة أظافرها، فهي موهبة موروثة من والدتها التي اهتمت بتعليمها الرسم والتصميم في طفولتها، فكانت عينها ناقدة لحركة يد والدتها وطريقة سيرها على اللوحة، أما جدتها التي تمتلك ماكينة خياطة فقد وفرت لها أرضية للإبداع في مجال تصميم الأزياء، وخاصة أنها كانت تحظى باهتمام وتشجيع كل من حولها، سواء في البيت من أسرتها، أو في المدرسة من معلماتها ومديرتها التي كانت تحتم عليها المشاركة في المسابقات المدرسية، وقد كانت تحتل أعلى المراتب فيها.

سابقًا، كانت تهوى الرسم على الغيوم العشوائية بعد أن تلتقط صورا لها، وبعدها أصبحت ترسم صورا لدخان القنابل والصواريخ التي تخلف دمارًا هائلًا، خاصة في الحرب الأخيرة عام 2014، ومن هنا أصبح فنّها يخرج من الواقع اليومي التي تعايشه في السلم والحرب، وفي كلتا الحالتين يرتفع منسوب الشغف لديها.

وتبين الزغلول: "هذه الرسومات والتصميمات توثق مدى الإجرام الصهيوني، والدمار والألم اللذين يلحقان بأهل غزة، إذ أرادت أن تحمل اللوحات الدخانية رسائل بهذه المعاناة، فمن الصعب أن أرى حجم الدمار ولا أستطيع أن أحرك ساكنًا، هذا إلى جانب أنه من واجبي إظهار أن الأمل وحب الحياة موجودان لدى الشعب الفلسطيني، وأنه قادر على المقاومة والصبر والصمود".

لإبراز الهوية

أما توجهها لتصميم الأزياء، فهو بسبب محاولاتها المستمرة لإبراز شخصيتها من خلال ملابسها وأزيائها، إذ توضح: "أصمم ملابسي الخاصة في المناسبات مع الحرص على أن تكون مناسبة للواقع والبيئة والتطور الذي نجاريه في هذا الزمن، وعندما بدأت بدراسة التصميم الجرافيكي، وممارسة تصميم الأزياء أدركت أن الكثير من أعمالي استلهمتها من التراث، وحاولت إبراز الهوية الفلسطينية في أغلب أعمالي، سواء من ناحية الرسم، أو الأزياء، واعتقد أن ذلك أسس طريقي إلى عالم الأزياء".

جمعت الزغلول في تصاميمها بين العصرية والتراث، كما أن أغلبها غني بالتطريز الفلسطيني، وأساليب الحياكة العصرية.

وتقول: "بدايتي كانت عندما وجدت إقبالاً على طلب تصاميمي وبيعها، وطلب الكثيرين لها على الرغم من عدم وجود مصنع، فلدي فقط بعض من العاملات".

وتضيف: "لا أميل للتقليد أبدًا، فأنا اتبع حدسي دائمًا، أصف تصاميمي بثلاث كلمات، أنيقة ومتجددة، ومتميزة، وأنشرها على حسابي على موقع تبادل الصور (انستجرام) لتصل إلى أكبر عدد ممكن، وأحلم بأن أصمم شيئا لملكة الأردن رانيا العبدالله، لأنها واحدة من أيقونات الموضة المفضلة بالنسبة لي".

صممت الزغلول بعض القطع البسيطة، وتفضل السير على خط واحد في التصميم، فلا تريد التشتت، ولكن المهم أنها استطاعت أن تجمع بين هواياتها في الفن والتصميم، وترى أن كلاهما طريق واحد ولكنه متشعب، كما أن كلا منهما يكمل الآخر، فينقل معاناة أو يحمل رسالة أو يؤكد أحقية الشعب الفلسطيني بتراثه.

اخبار ذات صلة