يعتقد مراقبون أن الخطوات المتلاحقة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، تأتي ضمن "خطة ممنهجة" لتقليص خدماتها، مشيرين إلى أنه بإمكان الوكالة القيام بمزيد من الحراك لجمع ما تبقى من المال لسد العجز في ميزانيتها، بدلا من اتخاذها إجراءات تمس بحقوق اللاجئين. وأمس، قال المتحدث باسم أونروا، سامي مشعشع، في بيان: برنامج خدمات الصحة النفسية المجتمعية سيتوقف اعتبارا من 31 أغسطس/ آب 2018، مبينا أن 154 موظفا في الضفة الغربية ممن تم توظيفهم على حساب أموال الطوارئ المستنزفة تلك لن يتم تجديد عقودهم حال انتهائها.
وكان بيان للجنة المشتركة للقوى الوطنية والإسلامية واللجان الشعبية للاجئين، ذكر أن إدارة الوكالة في غزة عازمة على إرسال رسائل إنهاء عقود وعمل جزئي وتشتيت وظائف لحوالي 1000 موظف يعملون لديها معظمهم قضى سنوات طويلة في خدمة اللاجئين في هذه المؤسسة.
وبحسب مراقبين، أوقفت الوكالة برنامج فرص العمل وسط تهديدات بعدم افتتاح العام الدراسي ووقف المساعدات الغذائية.
ويذكر رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" د. عصام عدوان، أن أونروا تتذرع بالعجز المالي، لكن هذه قضية تم تفنيدها من قبل اتحاد الموظفين في الوكالة، عندما قدموا عروضا مثل استغناء الموظفين عن فروق العملة وتبرعهم بأجرة يوم كامل، وهذا يوفر مليوني دولار، بينما كل الأزمة التي تتعلق بـ1000 موظف لا تتعدى 400 ألف دولار.
ويتساءل عدوان، في تصريحات لصحيفة "فلسطين": "لماذا ترفض أونروا العروض التي قدمها الاتحاد؟"، مؤكدا أن ذلك يعني "أن هناك نوايا أخرى لا تتعلق بالعجز المالي".
ويرى أن هناك إرادة لتقليص أعداد الموظفين، وخطة ممنهجة لتقليص خدمات أونروا وتخفيض تواجدها والمعتمدين عليها، "وهذا يستجيب مع رغبات بعض الأطراف الدولية".
ويبين أن بعض الموظفين الكبار في الوكالة يشيرون على المفوض وينفذون السياسات الرامية لتقويض أونروا، ومنهم على سبيل المثال نائبة المفوض ساندرا ميتشل، التي تقترح عليه مثل هذه الاقتراحات الصعبة، فيما أخذ مدير عمليات الوكالة في غزة ماتياس شمالي على عاتقه تنفيذ هذه الإجراءات.
ويتابع عدوان: "هؤلاء الذين يخططون في داخل "أونروا" ضد مصالح اللاجئين يجب أن يرحلوا"، معتبرا أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال اعتصام وعمل شعبي سلمي ينفذه اللاجئون والموظفون المتضررون، الذين عليهم أن يكونوا في الصف الأول في التصدي لهذه المؤامرة، ثم يلتف حولهم الشعب الفلسطيني.
ويطالب عدوان السلطة الفلسطينية بإيصال رسالة قوية لـ"أونروا" والأمم المتحدة مفادها أن هذا المساس بقوت الناس نوع من اللعب بالنار.
ويؤكد ضرورة أن تتقدم أونروا والسلطة إلى الأمم المتحدة بطلب سد العجز في ميزانية الوكالة للحيلولة دون اتخاذها إجراءات تمس باللاجئين.
ويقول عدوان: إن الموظفين الأجانب بمن فيهم المرافقون والأمن للموظفين الأجانب في القطاع والضفة وكل الساحات يدفعون أجرة السولار الذي يستهلكونه لسياراتهم ومنازلهم بقيمة نصف دولار للتر، فلماذا الموظف في أونروا يدفع دولارين لكن الموظفين الأجنبي يدفع نصف دولار؟ واصفا ذلك بأنه "عجيبة من العجائب. هذا الذي يزيد راتبه عن خمسة و10 و20 ألف دولار يتم تخفيض النفقات عليه، بينما الموظف البسيط الذي لا يتقاضى سوى 400 أو 500 دولار يتم التشديد عليه وتسريحه".
"استهداف سياسي"
بدوره، يؤكد المدير العام للهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، أن احتجاجات موظفي أونروا في القطاع حق مشروع لهم في مواجهة القرارات "المجحفة" التي يتم اتخاذها بحقهم.
ويقول هويدي لصحيفة "فلسطين"، المهمة الرئيسة لأونروا أن تبحث عن مصادر تمويل لتغطي احتياجات الموظفين لا أن تتخذ إجراءات بحقهم، لأن هذه الإجراءات ستحرم مئات الموظفين من حقهم الوظيفي بالتالي حرمان عائلاتهم من احتياجاتهم الأساسية وتشريدها، خاصة أن الوكالة لم تطرح البدائل عندما تحدثت عن تسريح فوري لـ13% من عدد الموظفين على بند الطوارئ في قطاع غزة.
ويصف ذلك بأنه "كارثة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى"، متابعا بأنه لا يعقل أبدا الاستغناء عن هؤلاء الموظفين.
ويوضح أنه بمزيد من الحراك والجولات للمفوض العام لأونروا ممكن أن يتم جمع ما تبقى من المبالغ اللازمة لسد عجز الوكالة، فقد استطاعت الأخيرة جمع أكثر من نصف المبلغ المطلوب.
لكن هويدي يعتقد أنه أصبح واضحا أن استهداف أونروا هو "سياسي" يرتبط بقضية اللاجئين وحق العودة، وما تسمى "صفقة القرن" التي يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها على المنطقة، وليس فقط استهداف اللاجئين والقدس المحتلة وإنما استهداف القضية الفلسطينية بشكل عام.
وقررت الولايات المتحدة في 16 يناير/كانون الثاني 2018، تخفيض مساعداتها لـ"أونروا" إلى النصف، من 125 مليون دولار إلى 65 مليون دولار من الموازنة العامة لعام 2018. وقال مسؤول أميركي إن الوكالة بحاجة إلى إعادة تقييم جذري "للطريقة التي تعمل بها وتُمول بها".
وفي يونيو/حزيران 2018، قالت الأمم المتحدة، خلال مؤتمر للمانحين في نيويورك، إن المساعدات المالية الإضافية التي تلقتها أونروا للتعويض عن خفض الولايات المتحدة مساهمتها المالية للوكالة الأممية "لا تزال دون المطلوب" وأن الأونروا ما زالت بحاجة لأكثر من 200 مليون دولار لإكمال السنة.