فلسطين أون لاين

​لكن الحديث المباشر أفضل

الرسائل النصية.. حروفٌ بلا مشاعر تُزيح عبء الحرج من النقاش

...
غزة - مريم الشوبكي

يقول بعض علماء النفس: إن المحادثات النصيّة تتيح للبشر أن يقولوا من خلالها ما لا يستطيعون قوله وجهًا لوجه للآخرين، وقد وفّرت التكنولوجيا الحديثة الكثير من الوسائل التي يمكن من خلالها إرسال الرسائل المكتوبة، مثل رسائل الهواتف المحمولة، ومواقع التواصل الاجتماعي، ويتساءل البعض لماذا يلجأ الكثير منا إلى ذلك؟ هل لأن توفرها بات أسهل؟ أم بسبب عدم قدرتنا على المواجهة في بعض الأحيان؟ أم أن الخجل سببٌ في ذلك؟

الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى التعبير عن مشاعرهم باستخدام الرسائل النصية بدلًا من الحديث المباشر أو حتى المكالمات الصوتية، وأيًا كان السبب فلها خطرٌ واضح يتمثل في الفهم الخاطئ لمضمون الرسالة.

أفضل من المواجهة

الحديث عبر الرسائل النصية هو ما تفضّله "ريهام البايض"، فهي ترفض المواجهة وجهًا لوجه مع الشخص الذي بينها وبينه خلافٌ ما، بسبب عصبيتها الزائدة وعدم قدرتها على التحكم بأعصابها ورد فعلها.

وقالت البايض (33 عامًا) لـ"فلسطين": "أصبح من السهل أن يتواصل الفرد مع أي شخص بفعل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك التطبيقات التابعة لها التي يمكن تثبيتها على معظم الهواتف المحمولة، كما أن النقاش بشكل مكتوب يعطي أطرافه فرصة للتحدث بكل راحة بعيدًا عن المواجهة التي قد تسبب التصادم والمشاكل".

وأضافت: "ألجأ إلى الدردشة النصية حينما أخجل أو أكون محرجة من الحديث في بعض الأمور وجهًا لوجه، وبهذه الطريقة أتفادى مشاهدة أي رد فعل سلبي من الطرف الآخر، كما أستطيع أن أنهي المحادثة وقتما شئت".

قبل المواجهة

"فداء الجملة" على عكس سابقتها، تفضل المواجهة المباشرة للبوح للطرف الآخر بما يختلج في قلبها، حتى لا يُساء فهم حديثها، ولا تُسيء هي فهم ما يُقال لها، كما أنها تستطيع أن تحرج الشخص وأن ترد عليه إذا وجه إليها إهانة، وكذلك بإمكانها أن تضع الحدود في تعاملهما.

أما "نادية العفيفي" فتؤكد صحة ما ذهب إليه علماء النفس، حيث إنها تفضل الرسائل النصية في التعبير عن مشاعر المحبة والعتاب والاشتياق، حيث ترسلها لصديقاتها وزوجها أيضًا.

وقالت العفيفي: "أتعمد اللجوء إلى إرسال الرسائل النصية التي تحمل بعض المعاني الناقصة، أو تثير الفضول إلى أناس قريبين من قلبي، لأجرّهم إلى الاتصال بي والتحدث معي في الأمر، وبالتالي معاتبتهم إذا كان هناك ما يستدعي ذلك".

لا مكان للمشاعر

وفي ذات السياق، أوضح الأخصائي النفسي إياد الشوربجي أن تفضيل بعض الأشخاص إرسال رسائل نصية للآخرين تحتوي على ما يريدون قوله بدلًا من الحديث به معهم وجهًا لوجه، يعود إلى خوفهم من المواجهة الشخصية، لما قد ينتج عنه من تصادم، أو بسبب الخجل وعدم الثقة بالنفس، أو تحت ضغط عدم القدرة على التعبير، أو رغبة في التخفيف من حدة المشكلة القائمة بينهما.

وبين الشوربجي لـ"فلسطين" أن الدوافع ربما تختلف حسب طبيعة الشخصية، فهناك من يرى نفسه أكبر من أن يواجه غيره، ويعبر ذلك من أشكال قوة الشخصية، والبعض يستخدم الرسائل بسبب ضعف الشخصية، كنوع من الهروب من المواجهة المباشرة.

وأشار إلى أن استخدام الرسائل النصية للتعبير المشاعر في بعض الأحيان يمكن أن يؤدي إلى فهم محتواها بطريقة خاطئة، حيث إن الكلام المكتوب فيها لا يحمل المشاعر والأحاسيس التي تكون أكبر في الواقع، ولا تعطي الرسائل المكتوبة فرصة للنقاش وتبادل الآراء كما في الأحاديث المباشرة.

وأكد الأخصائي النفسي أن التواصل المباشر هو الأفضل، لأن تعبيرات الوجه وحركات وإيماءات الجسم تعطي فرصة للانسجام مع الطرف المقابل، وتبعد الشكوك التي يُساء تفسيرها والتي من شأنها أن تسبب مشاكل جديدة، كما أنها تعطي الأشخاص فرصة أكبر لتوضيح وجهات النظر.

ونوه الشوربجي إلى أن وسائل التواصل الحديثة مثل "فيس بوك" و"تويتر" و"واتس آب" يكون الحديث من خلالها ممتعًا أكثر، ويوفر إمكانية لإيصال المشاعر وليس النصوص فقط، وذلك بفضل الرموز التعبيرية المختلفة المتوفرة فيها، مثل الوجوه الضاحة والباكية وتلك التي تعبر عن الدهشة، وغيرها، مبينًا أن هذه الخاصية تفيد المستخدمين في الحديث عن بعض الموضوعات التي يخجلون من طرحها والنقاش فيها وجهًا لوجه أو بالصوت.