في 22 يوليو/ تموز 2002، فجع الأهالي في غزة بمجزرة إسرائيلية راح ضحيتها قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الشيخ صلاح شحادة، وزوجته وابنته ومساعده، وما لا يقل عن 15 مواطناً بينهم أطفال.
ووافق أمس، الذكرى الـ16 لاغتيال شحادة في غارة شنتها مقاتلات جيش الاحتلال آنذاك على منزل مدني في حي الدرج، أحد أحياء مدينة غزة الأكثر اكتظاظًا، بقنبلة تزن طنًا، فجاءت على البيت الذي كان فيه شحادة والبيوت التي من حوله، فأحدثت دمارًا كبيرًا في المنطقة.
وصلاح شحادة، مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" والذي عرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، وهو من مواليد 2 إبريل/ نيسان 1953، في مخيم الشاطئ للاجئين، من عائلة هاجرت من مدينة يافا بعد احتلالها عام 1948 إلى قطاع غزة.
وعرف عن الشيخ شحادة، تميزه بشخصية قيادية، يضم الجميع ويجمع المجاهدين بإصرار وعمل دؤوب، وكان عقلاً مدبرًا مخططًا يلجأ إليه الجميع عند الشدائد.
كما تميز بالشخصية العسكرية الحكيمة التي تستطيع التدبير والموازنة بين الخيارات واتخاذ القرارات المناسبة، وهذا وفق معلومات أوردها الموقع الإلكتروني لكتائب القسام.
وكان متهمًا من الاحتلال بتشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح، وإصدار أوامر بشن عمليات ضد أهداف عسكرية تتبع جيش الاحتلال، بعد اعتقاله الأول.
وبعد أن أمضى أحكاماً في سجون الاحتلال تعدت عشر سنوات, كان الشيخ أكثر صلابة وأكثر عزة, وعاد إلى قيادة كتائب القسام ليطور عملياتها وإمكانياتها، وليختفي عن الأنظار ويصبح المطلوب الأول لجيش الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى.
وبحلول عام 2000 استطاع شحادة إعادة بناء الجهاز العسكري لحركة حماس.
وهذا الأمر لم يرق للاحتلال وجيشه، فلاحقه وحاول اغتياله إلى أن تحقق ذلك في الغارة الليلية التي شنتها طائراته.
وأكدت محامية الدائرة القانونية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أحلام الأقرع، أنه بعد شن طائرات الاحتلال غارتها، سارع باحثو المركز لتوثيق الجريمة اعتمادًا على الزيارة الميدانية والسماع لشهادة الضحايا وشهود العيان، وتصوير مكان القصف.
وذكَّرت الأقرع في اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، بأن جيش الاحتلال استهدف أحد قادة حماس العسكريين، في منطقة الدرج بإلقاء قنبلة تزن طنًا على حي مكتظ سكنيًا.
وأشارت إلى أن إذاعات عبرية أعلنت أن جريمة الاغتيال جرت بناءً على الضوء الأخضر المعطى من رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أريئيل شارون، ووزير جيشه، للجيش لتنفيذ الاغتيال بغض النظر عما سينتج عن الجريمة.
وأدان المركز آنذاك "المجزرة البشعة التي تصنف دوليًا على أنها جريمة يجب أن يحاكم عليها قادة الاحتلال".
وذكرت أن المركز الحقوقي تقدم بشكوى رسمية لدى سلطات الاحتلال المسؤولة، لكن الأخيرة للأسف توفر غطاءً لانتهاكات جيشها، وتتنصل من الوصول إلى العدالة للضحايا، وتقوم برد الشكاوى والقضايا التي ضحاياها فلسطينيون.
وعلى الصعيد الدولي، قالت الأقرع: "نتيجة لعدم إنصاف الضحايا رفعنا قضايا في محكمة إسبانية، وقد جرى تحقيق جدي في الجريمة"، مردفةً "ننتظر إجراءات جديدة في جريمة حي الدرج، علمًا أننا تقدمنا مسبقًا بقضايا مع شركاء حقوقيين بريطانيين وصدر قرار بإدانة الجريمة".
ولفتت الأنظار إلى أن الاحتلال اغتال شحادة على أساس أنه هدف مشروع لتصفيته، ولم يراعِ القانون الدولي والمعايير الدولية، وألقى قنبلة وزنها طن على حي مكتظ سكنيًا.
وهو لم يكترث كذلك لأي ضحية مدنية سواء أطفال أو نساء أو رجال، والهدف اغتيال شحادة، بحسب الأقرع.
وقالت: "إن (إسرائيل) تتنصل من دماء الضحايا، وترتكب الجرائم على مسمع ومرأى العالم، ووفقًا للقانون الدولي، فإن القصف وسقوط مدنيين جريمة دولية يجب أن تحاسب (إسرائيل) عليها من الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة وفق القانون، ومساءلتها على ما ترتكبه بحق المدنيين الفلسطينيين".
وأكملت "نحن على قناعة تامة أن (إسرائيل) توفر غطاء قانونيا لأفعال جيشها، ولن تنصف الضحايا الفلسطينيين، ولكن رغم ذلك نتوجه إلى القضاء الإسرائيلي ليس إيمانًا بعدالته، بل لاستنفاذ إجراءات قضائية قبل التوجه إلى القضاء الدولي".
وكان قضاء الاحتلال رد الشكوى التي تقدم بها المركز الفلسطيني، وبناءً على ذلك تم التوجه للقضاء البريطاني والإسباني، وما زال العمل مستمراً، وهي قضية تأخذ سنوات طويلة وبحاجة إلى جهد ووقت، مقابل ضغوطات كبيرة يمارسها اللوبي الصهيوني لتغيير قوانين الدول ذات العلاقة، وتحديدًا إسبانيا، بحسب الأقرع.