لا يزال موقف حركة فتح والسلطة من الورقة المصرية غير واضح، بل يذهب مراقبون لوصفه بالموقف المتباطئ مقارنة بموقف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي سارعت للاستجابة والموافقة عليها، وهو ما يثير تساؤلات حول أهداف السلطة من تأخّر الموافقة.
وتنص الورقة المصرية للمصالحة الفلسطينية، على رفع عقوبات السلطة المفروضة على قطاع غزة، وعلى رأسها إعادة رواتب موظفيها بغزة، وتولي وزراء الحكومة الحالية مهامهم، وتشغيل محطة الكهرباء بتوفير وقودها اللازم دون ضرائب، محددةً مدة أقصاها 5 أسابيع لتشكيل حكومة وحدة وطنية، إلى جانب استيعاب موظفي قطاع غزة المدنيين الذين عيّنتهم الحكومة التي قادتها حماس خلال إدارتها للقطاع، ودفع رواتبهم أسوة بموظفي السلطة بغزة.
توريث السلطة
القيادي في حركة فتح- التيار الإصلاحي، عماد محسن، يقول إنه "آن الأوان أن يتدبر العقلاء في السلطة إجراءاتهم ويعيدوا الحقوق لأصحابها، لأن بديل ذلك هو الفصل السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة".
ويرى محسن في حديثه مع صحيفة "فلسطين" أن هناك تخوفات من المحيطين بعباس لاعتقادهم بأن العودة لوحدة النظام السياسي ورفع العقوبات وتحقيق الشراكة الوطنية، يعني العودة للدستور وتفعيل المجلس التشريعي، وأن يكون رئيسه رئيساً فلسطينياً لمدة 60 يوماً في حال شغور منصب "الرئيس"، وهذا يتنافى مع من يريدون توريثاً هادئاً للسلطة دون اللجوء لإجراء انتخابات لإدراكهم أنهم سيخسرونها.
وبين أن "مصر كوسيط بين الطرفين تتصرف كشقيق أكبر، فبدأت بشرط رفع العقوبات بورقتها لأنها تعرف أن هذه العقوبات غير قانونية وسرقة علنية لحقوق الشعب الفلسطيني".
أما الورقة المصرية، وفق محسين، فالموافقة عليها رهينة لقرار فتح، والتباطؤ فيها مرفوض وطنياً، لافتاً إلى أنه لا يمكن تفسير هذا التباطؤ سوى أن "هناك أطرافاً مستفيدة من استمرار الانقسام، وتنفذ أجندة أمريكا و"صفقة القرن"، وفصل غزة، وتقيم "تسوية اقتصادية" على حساب الثوابت التي ضحى من أجلها الشهداء والجرحى".
وفرضت السلطة سلسلة من العقوبات على قطاع غزة مطلع إبريل/ نيسان 2017، بدعوى إجبار حركة "حماس"، على حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في غزة، وخصمت حينها نحو 30-50% من الرواتب، بالإضافة إلى تقليص إمداد الكهرباء والتحويلات الطبية، وإحالة أكثر من 20 ألف موظف للتقاعد المبكر، لكن رغم حل حماس اللجنة الإدارية في سبتمبر/ أيلول الماضي إلا أن العقوبات ظلت مستمرة.
خلافات داخلية
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، يرى أن تأخر فتح في الرد على الورقة المصرية، رغم أنها أخذت اعتبار مواقف الكل الفلسطيني، يعكس خلافات داخلها حول الورقة، وحسابات أخرى لا ترى أن المصالحة وفق الرؤية المصرية تلبي متطلبات فتح، رغم أن تأخير الرد في غير صالح الفلسطينيين لأن الخيار الأمريكي موجود ومطروح بقوة.
وقال عوكل لصحيفة "فلسطين"، إن العقوبات التي تفرضها السلطة أصبحت "مع الأسف" جزءًا من متطلبات المصالحة، بمعنى أن العقوبات لن ترفع إلا في إطار اتفاق مصالحة، واستمرارها سيوسع دائرة الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة.
وقال "إذا لم يكن هناك إرادة تفرض الخيار الفلسطيني بما في ذلك رفع العقوبات، فهذا نتائجه صعبة وخطيرة، لأن الخيار الأمريكي موجود وجاهز ومستعجل، وأدواته وأمواله وأهدافه موجودة".
كما يرى أنه إذا لم تتم المصالحة فإن ذلك سيسهل تمرير المخطط الأمريكي والإسرائيلي، لافتاً إلى أن السلطة لديها حساباتها الخاصة بالنسبة للمصالحة، لكن في هذه الحالة "نتحدث عن مصر وهي التي تمسك بالملفات الفلسطينية، ومن يدخل بتناقض معها لن يكون رابحاً، وأي تأخير أو رفض أو استهتار في ذلك له ثمن في العلاقة مع القاهرة".
ونبه إلى أن هناك فرصة أخيرة للمصالحة، فلا يوجد المزيد من الوقت لاستنزافه في التناقضات، والسبب أن الخطة الإسرائيلية– الأمريكية جاهزة، وكل ما يمارسه الاحتلال من ضغط على غزة حالياً جزء من أهدافه للاستعجال في تنفيذها، وفرضها تحت غطاء إنساني.