قبل مرور 24 ساعة على تهديد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" للاحتلال الإسرائيلي بدفع الثمن إزاء استشهاد أحد مقاتلي قوة حماية الثغور، الخميس الماضي، في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ترجمت المقاومة تهديداتها بقنص جندي إسرائيلي وسط القطاع، وذلك على قاعدة الجزاء من جنس العمل، وفق ما ذكر بيان القسام.
ووفقًا لتقديرات إسرائيلية تطرقت إليها صحيفة معاريف العبرية، أمس، فإن حركة حماس ما زالت تمسك بزمام المبادرة في الرد على اعتداءات الاحتلال، وذلك بعدما فشل في تغيير المعادلة التي نجحت حماس في ترسيخها والقائمة على عَدّ إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة "عملًا شعبيًّا" وليس "عملًا عسكريًّا".
ويقرأ الكاتب في الشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة في ردود المقاومة على الاحتلال عددًا من الدلالات على بعدين رئيسَيْن، يتعلق الأول بقدرة المقاومة على ضبط إيقاع الميدان وتوحيده مستفيدة من تجارب المواجهات السابقة التي شهدها القطاع، والثاني يرتبط بنجاحها في الحفاظ على قوة الردع.
وفي البعد الأول يعُد أبو زبيدة أن في جولات "القصف بالقصف" الأخيرة التي نفذتها قوى المقاومة كانت واضحة القدرة التشغيلية وتنسيق عملية إطلاق القذائف في جميع أنحاء القطاع مع عدم وجود أي اضطراب أو إصابات في صفوف مطلقيها رغم ضغط القوة الجوية الإسرائيلية، إشارة إلى أن المقاومة طورت من تكتيكاتها في العمل الميداني الموحد.
ويقول أبو زبيدة لصحيفة "فلسطين" إن مختلف الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة تعاملت ككتلة واحدة ضد اعتداءات الاحتلال، بحيث لم تفتح أمامه المجال لارتكاب انتهاكات دون حسيب أو رادع، سعيًا إلى إيقاف مسيرات العودة وكسر الحصار وما نتج عنها من أدوات مقاومة شعبية غير معهودة.
وعن البعد الثاني يضيف أبو زبيدة: "ظن الاحتلال أنه باستطاعته إعادة ترميم قوة الردع، بعدما قُوضت وأصيبت في الصميم من جديد إثر استمرار فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار بوتيرة متسارعة، والتي جعلت من الحدود مع الاحتلال نقاط احتكاك واشتباك مستمر، ولكنه لم ينجح في ذلك بل إن المقاومة هي التي فرضت سياسة القصف بالقصف، ثم الدم بالدم".
خطوط حمراء
بدوره، ذكر المختص بالشؤون الإسرائيلية سعيد بشارات أن قادة الاحتلال سواء في المؤسسة العسكرية أو السياسية يقرؤون تطورات المشهد في الأيام القليلة الماضية من منظور أن فصائل المقاومة تحديدًا كتائب القسام باتت جاهزة لأي مواجهة مقبلة، بل تمتلك خطوطًا حمراء تدافع عنها بكل ما أوتيت من قوة.
وقال بشارات في حديثه لصحيفة "فلسطين": "لم يتعود الاحتلال على لغة التهديدات السابقة وفرض القواعد من قبل خصومه، لذلك يبادر بين الحين والآخر إلى شن ضربات عنيفة داخل القطاع، بهدف استعادة قوة ردعه بشكل أساسي ولإسكات أصوات المعارضة التي تتهم قادة الحكومة بالضعف أمام الطائرات الورقية والبالونات الحارقة".
وأضاف بشارات: "عقب كل جولة تصعيد يعتقد الاحتلال أنه حقق هدفه واستعاد الردع، ولكن سرعان ما يكتشف أن ذلك كان مجرد أوهام عندما ترد المقاومة بإطلاق القذائف على غلاف غزة، مؤكدة معادلة القصف بالقصف، التي تطورت إلى معادلة الدم بالدم، وترجمتها سريعًا بعملية قنص على السلك الفاصل".
وتوقع بشارات أن تبقى الأجواء المشحونة تسيطر على أجواء قطاع غزة، في ظل استمرار الصراعات بين مختلف الأقطاب الإسرائيلية وتقاذف الاتهامات بين أعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت".