يعتبر مختصون في شؤون الاستيطان، إقامة الاحتلال مقبرة مركزية للمستوطنين على أراضي محافظة قلقيلية شمال الضفة الغربية، خطوة في سياق تثبيت المستوطنين على الأرض الفلسطينية المصادرة ذات الملكية الخاصة.
وصادقت ما تسمى بـ"الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في 6 الشهر الجاري، على مخطط مجلس المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، والقاضي بإقامة مقبرة للمستوطنين.
وستمتد المقبرة التي ستقام على أراضٍ مصادرة من الفلسطينيين على مساحة 140 دونما، حيث ستقام بالقرب من منطقة "شاعر شومرون" القريبة من مستوطنة "أورانيت" المقامة بين سلفيت وقلقيلية، وستقدم خدمات للدفن على مدار 25 عاما، وستتسع لدفن 35 ألف مستوطن.
الخبير بشؤون الاستيطان بشار القريوتي يقول لـ"فلسطين": "ما يجري يوميا على الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية عبارة عن حرب قائمة على مدار الساعة، فجرافات الاحتلال تصل إلى كل شبر من أجل تهويد المنطقة بأسرع وقت ممكن".
وعن إقامة مقبرة جديدة لمجلس مستوطنات في محافظة قلقيلية قال القريوتي: "أسلوب القبور أصبح دارجا، ففي مستوطنة شيلو الواقعة على الطريق الواصل بين نابلس ورام الله قرب اللبن الشرقية أقام المستوطنون مقبرة على أراض خاصة للمواطنين، وتشاهد القبور من خلال المرور من الشارع الرئيس ويواصل المستوطنون عملية الدفن فيها بشكل يومي وهي تتمدد بشكل توسعي أفقي في المنطقة".
وأضاف: "اختيار موقع المقابر يكون ضمن مخططات يشرف عليها مجلس المستوطنات في الضفة الغربية فهو الذي يختار المواقع ويجهزها من خلال عملية تجريف المكان لزرع القبور فيه".
وأشار القريوتي إلى أن سكان المستوطنات في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة ابتدعوا طريقة لدفن موتاهم بعيدا عن المستوطنات في مقابر استصلحوها على حساب الأرض الفلسطينية، حتى يجسدوا الحق الانساني في هذه الأرض بعد أن جسدوا في تسمياتهم ما يسمى بالحق التاريخي والديني".
مصادرة وتهويد
وعن خطورة هذه المقابر، قال رئيس مجلس قرية كفر قدوم شرق قلقيلية سمير القدومي: "نحن نجاور كبرى مستوطنات الضفة الغربية وهي مستوطنة قدوميم التي حاصرت القرية وقطعت شريانها الرئيس، وموتاهم يدفنون في أرضنا بعد توسعة حدود المستوطنة، ومقبرة القرية لا تزال كما هي بل وتم الاعتداء عليها سابقا من قبل المستوطنين والجنود من خلال كتابة شعارات عنصرية على القبور وتحطيم شواهدها، بينما قبورهم يتم احاطتها بالأسيجة وشق الطرقات فيها".
مستوطنة اريئيل التي تعتبر من اكبر مستوطنات الضفة الغربية وتم تحويلها إلى مدينة يسكنها أكثر من 50 الف مستوطن وفيها جامعة كبيرة ومنطقة صناعية ضخمة، يقوم سكانها بدفن موتاهم خارج حدود الخارطة الهيكلية في خطوة لتوسيع المستوطنة الكبيرة على حساب القرى المجاورة ومدينة سلفيت التي أقيمت عليها.
أما الناشط في شؤون الاستيطان محمد زيد، قال عن ظاهرة المقابر الجديدة للمستوطنين: "في الخان الأحمر يتم تهجير الأحياء من أماكن سكناهم وفي المستوطنات يتم اقامة مقابر جديدة لموتاهم وتقدم لهم الأرض على طبق من ذهب بينما الفلسطيني الذي هو صاحب الأرض وعلى قيد الحياة يحرم من الأرض والحياة".
وأضاف لـ"فلسطين": "هذه العنصرية غير موجودة في العالم، فدولة الاحتلال تعتبر نفسها حارسة الديمقراطية في المنطقة ومع ذلك تمارس اجراءات عنصرية بحق الفلسطينيين بشكل قهري والمستوطن ينعم بإجراءات ناعمة تحفظ حقه حيا وميتا".
وتابع زيد: "من خلال المقابر الجديدة يتم الاستيلاء على سطح الأرض وباطنها والمسافة الفاصلة بين المستوطنة والمقبرة، اضافة إلى محاولة لتثبيت جذور الاستيطان في المنطقة، فهو أسلوب خبيث مغلف بإقامة مقبرة للموتى وفي حقيقة الأمر تهويد ومصادرة بشكل آخر".
ولفت قائلاً: "اعداد المستوطنين في الضفة الغربية تزداد بشكل كبير جدا فعددهم اليوم يزيد عن النصف مليون مستوطن، والعدد مرشح ليصل إلى مليون مستوطن في الفترة القريبة القادمة، وهذه الأعداد الكبيرة بحاجة إلى مرافق اضافية منها إقامة مقابر لهم على حساب الأرض الفلسطينية والتجمعات السكنية والملكيات الخاصة بالأراضي".