رأى الباحث في مركز الزيتونة للدراسات، معين مناع، وجود خلفيات ورسائل عدة تقف وراء تشديد حكومة الاحتلال الإسرائيلي حصارها القائم على قطاع غزة.
ورجح مناع في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن يكون التدافع والخلافات الحاصلة بين المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال على خلفية الرد على مسيرة العودة وكسر الحصار، أحد أهم الأسباب التي دفعت لتشديد الحصار على غزة.
وإلى جانب ذلك، فإن حكومة الاحتلال تحاول عبر تشديد الحصار على غزة اللجوء لقاعدة "التهويل والتخويف"، بإشعار فصائل المقاومة بأن ساعة الحسم اقتربت معها، وأن صبرها بدأ ينفد، وأن على الفصائل مراجعة حسابها بتخييرها ما بين الحصار والتضييق أو مراجعة حساباتها من "صفقة القرن" الأمريكية من جهة، ووقف مسيرة العودة من جهة أخرى.
وقال مناع إن الاحتلال يرى في ظل تشديد حصاره على قطاع غزة، تمسك حركة حماس بثوابتها، وأنه لا بد من إعادة الكرة بتفعيل الأدوات الضاغطة التي تستهدفها وتستهدف الشعب في قطاع غزة عبر مجموعة من الأدوات والأساليب.
وأضاف أن الاحتلال يجد نفسه مضطرًا في المرحلة الحالية للضغط باتجاه تمرير وقبول "صفقة القرن"، والتي تحظى بتساوق من القوى الرسمية الإقليمية والعربية والفلسطينية، وفق تقديره.
وتابع: "الاحتلال سيكرر محاولاته لإخراج حماس من المشهد، وتطويعها لتقبل بما هو مطلوب والحصول على مواقف أكثر ليونة منها"، لافتًا إلى أن الاحتلال يبحث فعليًا وإلى جانب ذلك وبأي طريقة عن خفض وتيرة فعاليات مسيرة العودة قرب السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948م.
وأوضح مناع أن سلطات الاحتلال وفي سياق تشديدها للحصار على غزة، تريد أيضا إيصال رسالة لجميع الأطراف بأنها "المتحكم الوحيد في زمام الأمور، وأنها من تملك فعليًا مفتاح تشديد الحصار أو تخفيفه".
وأكد أن الاحتلال لا يحتاج لأي مبررات لتسويقها حول تشديده لحصار غزة أو حتى استباحته لأي إجراءات وانتهاكات أخرى، مضيفًا: "الحكومة الصهيونية فقط تنظر في خطواتها وقراراتها لاعتباراتها الداخلية والاعتبارات التي تخصّ دولتها".
ورأى أن الاحتلال ورغم قرار تشديده للحصار على غزة، "إلا أنه يتعامل وفق محدد جوهري، يتمثل في عدم ترك الأمور تتدحرج بينه وبين المقاومة لحد المواجهة والانفجار، بما يؤثر في وضع أمن مجتمعه والتأثير على مشروع صفقة القرن".
وأشار إلى أن دولة الاحتلال مهتمة جدا بالمشهد الإقليمي، فيما تدرك أن أي مواجهة مع المقاومة يجب أن لا تتحول لمواجهة شاملة؛ "لإيمانها بأن فكرة اقتلاع المقاومة مستحيلة، ومن الممكن أن تقود المواجهة معها من مواجهة فلسطينية إسرائيلية لمواجهة إسرائيلية إقليمية" والكلام للباحث مناع.
واستدرك: "الحديث الأمريكي حول التخفيف من الإجراءات والحصار عن غزة لا يتناقض مع ما تمارسه سلطات الاحتلال، سيما أن ما تقوله (نصف عبارة) وأن إكمال العبارة في حال موافقة حماس على التساوق مع صفقة القرن فإنه سيتم رفع الحصار والتحفيف من حدته وتطبيق بعض التسهيلات".
وأوضح مناع أن فكرة الحصار ومنذ فرضها الاحتلال على قطاع غزة قامت على فكرة جوهرية "دعهم يجوعون.. دعهم ينضبطون ولا ينفجرون، وقد كان الاحتلال وعبر هذه السياسة حريصًا على إضعاف حماس ودفع الناس للانقلاب عليها، عوضًا عن إخراجها من المشهد والحكومة، وقد فشلت هذه الأمور جميعًا".
وشدد الاحتلال حصاره على غزة عبر تطبيق عقوبات اقتصادية شملت تقنين إدخال البضائع ومنع التصدير والاستيراد وتقليص مساحة الصيد.

