بدءا من جامعة بيرزيت مرورا بجامعة خضوري وليس انتهاء بجامعة النجاح، تواصل أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية المحتلة وعناصر الشبيبة الفتحاوية، مسلسل اعتداءاتها بحق النشطاء الجامعيين ممن يعارضون توجهات السلطة، ضاربة بعرض الحائط حقوق الطلبة ببيئة تعليمية واتفاقيات المصالحة الوطنية.
آخر مشاهد الاعتداءات، كان أول من أمس، عندما أصيب عدد من نشطاء الكتلة الاسلامية، الذراع الطلابي لحركة حماس في جامعة النجاح بمدينة نابلس شمال الضفة، جراء اعتداء أمن الجامعة وعناصر الشبيبة الطلابية التابعة لحركة "فتح" عليهم بالآلات الحادة أمام أعين إدارة الجامعة.
وسبق ذلك ببضعة أيام، التهجم اللفظي لرئيس مجلس الطلبة الذي تترأسه الشبيبة الفتحاوية في جامعة النجاح، إبراهيم عطا، على الكتل الطلابية في الجامعة خلال اجتماع عام لهم، وتحديدا على ممثلي الكتلة الإسلامية وجبهة العمل الطلابية التابعة للجبهة الشعبية، نتج عنه منع ممثل الكتلة الطالب براء ريحان من دخول الجامعة.
ولم يقتصر تنفيذ الاعتداء داخل الحرم الجامعي على عناصر الشبيبة، بل تدخلت الأجهزة الأمنية لتمارس أدوارا أخرى من ملاحقة واعتقالات ومصادرة ممتلكات الأطر الطلابية، إذ وصل عدد المعتقلين من الطلبة الجامعيين 19 طالبا في سجون السلطة على خلفية عملهم النقابي.
ونفذت الأجهزة الأمنية مطلع الشهر الجاري حملة اعتقالات طالت أربعة طلاب من جامعة خضوري بمدينة طولكرم شمال الضفة، وهم: جلال حجي، جعفر شحرور، عز الدين فريحات، عبادة عبادي، فيما اعتقلت في وقت سابق عدة نشطاء في جامعة بيرزيت شمال رام الله، منهم الطالب ريان خريوش، وعدي الخطيب ويزن طياح وأديب معطان.
ويعد الطالب أويس العوري (22 عاما) آخر ضحايا الاعتقال السياسي على يد الأجهزة الأمنية، إذ اعتقلته في الثالث والعشرين من شهر حُزيران/ يونيو الماضي، من أمام الحرم الجامعي لبيرزيت، وهو عضو مؤتمر مجلس الطلبة في الجامعة وسبق اعتقاله من قبل جهاز المخابرات العامة لثلاث مرات على خلفية نشاطه النقابي.
ولأجهزة السلطة تاريخ طويل في انتهاكاتها بحق نشطاء جامعات الضفة خاصة خلال السنوات العشر الماضية، إذ تحل بعد أيام الذكرى الحادية عشرة لإعدام الطالب محمد رداد، بإطلاق النار على رأسه مباشرة أمام مبنى إدارة جامعة النجاح بعد محاولته الدفاع عن الطالبات أمام اعتداء مسلحي الأجهزة الأمنية الذين اقتحموا الجامعة.
انتهاكات متواصلة
وقال الكاتب السياسي ياسين عز الدين: إن اعتداءات أجهزة السلطة وكوارد "فتح" على طلاب الجامعات "تهدف في المرحلة الحالية إلى إقصاء الكتلة الإسلامية وتغييبها عن مشهد استقبال الطلبة الجدد في الجامعات، بعد أن كانت حملات الاعتقالات تقتصر في السابق على الفترة التي تسبق انتخابات مجالس الطلبة".
وأضاف عز الدين لصحيفة "فلسطين": "يدرك الاحتلال الإسرائيلي والسلطة أن قوة حماس تكمن في جامعات الضفة، وأن روح المقاومة ضد الاحتلال لن تخمد في الضفة ما دامت هنالك كتلة إسلامية تتميز بقوة أدائها، وفي ضوء ذلك تستعر حملات الاستهداف والاعتقال".
وبحسب مصدر خاص تحدث لصحيفة "فلسطين"، فإن عمليات الملاحقة الأمنية بحق نشطاء الكتلة بدأت قبل عقد انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت الأخيرة في مطلع مايو/ آيار الماضي، ولكن حدة الملاحقة تصاعدت بعد فوز الكتلة الإسلامية للمرة الرابعة على التوالي بـ 24 مقعدًا.
وأوضح المصدر أن الطرق والساحات المحيطة بالجامعة شهدت منذ إعلان فوز الكتلة انتشارا ملحوظا للأجهزة الأمنية المختلفة وتحديدا عناصر جهازي المخابرات والأمن الوقائي، لمراقبة وملاحقة كوادر الكتلة.
وتحت ذريعة المشاركة في أداء مسرحية كوميدية حملت عنوان "فيها قولان"، راحت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، فور انقضاء انتخابات المجلس، تلاحق عددا من نشطاء بيرزيت ممن شاركوا في عرض المسرحية داخل الحرم الجامعي والتي انتقدت سياسات السلطة.
تعميق للانقسام
بدوره، اعتبر رئيس تجمّع الشخصيات المستقلة في الضفة الغربية، خليل عساف، اعتداء عناصر من الشبيبة الفتحاوية على عدد من نشطاء الكتلة الاسلامية في جامعة النجاح، ضربة لجهود المصالحة الوطنية وتعميق لواقع الانقسام وتقييد الحريات في الضفة.
وقال عساف لصحيفة "فلسطين": "في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى العاصمة المصرية القاهرة لمتابعة مجريات استئناف جهود المصالحة، تلقينا أخبار الأحداث المؤسفة التي تعرض لها طلبة الكتلة على يد عناصر الشبيبة الفتحاوية داخل الحرم الجامعي وتحت أنظار الإدارة".
وأضاف: "كان المأمول أن تزيد رقعة المساحة المتاحة للأنشطة الطلابية والنقابية في مختلف الجامعات، بما يساهم في معالجة آثار الانقسام على مختلف الصعد ويعزز الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن لجنة الحريات في الضفة تتابع بقلق شديد ما يجري في جامعة النجاح، مضيفا "سنعمل على معالجة نتائج تلك الأحداث ووقف تدخل الجهات والعناصر الخارجية في الأنشطة الطلابية والنقابية داخل الجامعة بما يكفل حقوق الجميع".