لم يشكل مرض "أنوار حمدان" بالفشل الكلوي عائقا أمام حصولها على شهادة الثانوية العامة، حيث قدمت اختباراتها ما بين غرفتها في المستشفى وقاعة مدرستها، وكان النجاح حليفها في نهاية المشوار لتحصل على معدل 64.9%.
الطالبة حمدان تقطن في بلدة قلنديا جنوب مدينة رام الله، أصيبت بالفشل الكلوي منذ 14 عاما، أسبوعيا يجرى لها ثلاث عمليات غسيل للكلى في مستشفى المطلع بالقدس المحتلة.
الاختبار بعد العلاج
وحول شجاعتها وإرادتها في تقديم اختبارات "التوجيهي" رغم الآلام المبرحة التي تصيبها بعد كل عملية غسيل للكلى تقول لـ"فلسطين": "أغادر بيتي الساعة الثالثة فجرا أيام السبت والاثنين والاربعاء، لتبدأ عملية غسيل الكلى في المستشفى الساعة الخامسة والنصف حتى التاسعة والنصف صباحا".
وأضافت: "وبعد ساعتين في طريق العودة أخلد إلى النوم لأخذ قسط من الراحة وبعدها أواصل دراستي الساعات الضائعة في رحلة العلاج".
"عملية غسيل الكلى ليست بالسهلة، فهي تصيب الجسم بالهزال والتعب الشديد، ولكن لم أستسلم للألم فواصلت الدراسة وكنت أسهر حتى ساعات متأخرة من الليل لأتمكن من ختم المنهاج" تقول حمدان.
ولخصوصية حالة "حمدان"، أوضحت أن وزارة التربية والتعليم خصصت لها لجنة تراقب عليها في غرفتها في المستشفى أيام الامتحانات التي كانت تصادف السبت والاثنين والأربعاء، حيث كانت تقدم الامتحان بعد انتهائها من عملية غسيل الكلى مباشرة، وقدمت سبعة اختبارات على هذه الشاكلة.
أقوى من المرض
وبينت أنها تمكنت من تقديم ثلاثة اختبارات في قاعة مدرستها في قلنديا ومعهم شعرت بأجواء الثانوية العامة بعيدا عن آلات غسيل الكلى وأجواء المستشفى.
وعن صاحب الفضل الذي ساندها في طريق نجاحها في "التوجيهي"، قالت حمدان : " كانت والدتي سندا لي في رحلة علاجي وتهيئتي ومساعدتي حتى أنهيت اختبارات الثانوية العامة، بالإضافة إلى الأطباء والممرضين في مستشفى المطلع الذين حفزوني على مواصلة دراستي بألا أعتبر المرض عائقا".
وعن أصعب اللحظات التي مرت بها أثناء تقديم الامتحانات، أجابت : " في الساعة الأخيرة من زمن تقديم الاختبارات كنت أصاب بالدوار وضعف في الرؤية ، لأني كنت في الغالب أختبر بعد عملية غسيل الكلى مباشرة وهذا التعب هو من الأعراض الجانبية للعلاج".
ووجود مدرسة الإصرار التابعة لمستشفى المطلع، ساهم في تعويض "حمدان" الدروس التي كانت تفوتها بسبب تغيبها عن المدرسة و تواجدها في المستشفى لغسيل كليتيها، حيث يقوم المعلمون هناك بشرح ما فاتها من المنهاج.
ومع وصول رسالة نجاح "أنوار" بمعدل 64.9% على هاتفها المحمول، ضج البيت بأصوات الزغاريد والتصفيق وتهنئتها على النجاح رغم مشقة المرض ورحلة العلاج.
وعن التخصص الذي ترغب "حمدان" بدراسته في الجامعة، بينت أنها ستدرس تخصصا له علاقة بالتصميم سواء التصميم المعماري أو تصميم الملابس لأنه يتماشى مع ميولها.
وأشارت إلى أنها بارعة في المشغولات اليدوية وتصميم الملابس وحياكتها كوالدتها التي تمتلك ماكينة خياطة في البيت.
ووجهت حمدان رسالة لكل طالب يعاني من مرض ما بألا يستسلم له، ويتحلى بالعزيمة والإرادة لإكمال علمه، فالمرض مهما كان قويا لا بد أن تكون أقوى منه لتهزمه.