رأى مختصان في الشأن الأمني والعسكري أن قوة أذرع المقاومة وزيادة قدراتها العسكرية التي بنتها بعد العدوان الإسرائيلي الواسع صيف عام 2014 على قطاع غزة، تُصعِّب من فرض رؤى وصفقات سياسية دولية "استسلامية" على غزة، كالتي يجري تداولها.
وأوضح المختصان لصحيفة "فلسطين" أن المقاومة راكمت من القوة والخبرة ما يجعلها رقمًا يصعب تجاوزه، وأنه وبسبب هذه الحالة وجدت واشنطن وبعض الأطراف في المجتمع الدولي نفسها مرغمة لتقديم "حلول" عبر صفقات تضمن عبرها تحييد المقاومة وضمان أمن الاحتلال الإسرائيلي.
وفي ظل الذكرى الرابعة لعدوان 2014 على قطاع غزة، تعج الحالة السياسية الفلسطينية والعربية والدولية بأخبار مساعي واشنطن لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، بما بات يعرف بـ"صفقة القرن".
وتتسرب من حين لآخر معلومات عن فحوى هذه الصفقة من قبيل موافقة عواصم ما تسمى "دول الاعتدال العربي" على التنازل عن مدينة القدس المحتلة وتعويض اللاجئين الفلسطينيين في الشتات عن حق العودة وإقامة دولة فلسطينية مقطعة الأوصال.
ويقول المختص في الشأن الأمني د. إبراهيم حبيب، إن تتبع الحالة السياسية العامة يؤكد أهمية قوة المقاومة ومراكمة هذه القوة في تصعيب ووقف كل المبادرات الضاغطة على قطاع غزة سواء كان ذلك من قبل واشنطن بما يعرف بـ"صفقة القرن" أو السلطة أو (إسرائيل) أو بعض الأطراف العربية.
ويلفت حبيب إلى أن كافة المبادرات التي يُحاول تمريرها تستهدف الوصول إلى نقطة خطيرة تتمثل في نزع المقاومة، وتغيير قواعد المعادلة بفرض معادلات جديدة، وذلك بما تمثله هذه المقاومة من حصن منيع لقطاع غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام.
ويرى أن المقاومة منعت بصورة أو بأخرى تسهيل فرض رؤية "صفقة القرن"، على القضية الفلسطينية وبشكل خاص على قطاع غزة بالطريقة التي تريدها واشنطن وترغبها (إسرائيل)، منبهاً إلى أن تأثير المقاومة ووقوفها كحصن وجدار منيع لتمرير الصفقات السياسية على القضية يمكن تلمّسه بالمقارنة بين الضفة الغريبة المحتلة التي يستطيع جنود الاحتلال الدخول إليها حتى دوار المنارة وسط رام الله وقتما يشاؤون، فيما لا يستطيعون تجاوز السلك الفاصل شرق غزة.
ويذكر أن المقاومة وخلال عدوان 2014 فاجأت الكثير من المحللين والمراقبين والمختصين بما امتلكته، فيما استخلصت بعد هذا العدوان العبر والدروس وأدركت نقاط ضعفها التي كانت تعاني منها، مما أهّلها لأن تكون رقماً يصعب تجاوزه.
ويرى المختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، أن العدوان المتكرر على قطاع غزة عام 2008 و2012 و2014 شكل نتائج ووقائع مهمة على الأرض بما يخص المقاومة، وذلك بما اكتسبته من خبرة في حينه من استخدامها لاستراتيجيات قتالية مميزة وفيما بعد بتطويرها لبرنامجها.
ويضيف أبو زبيدة لـ"فلسطين"، أن المقاومة نجحت في تطوير قدراتها لتصبح منتجة لبعض المنظومات، وخداع أنظمة الدفاع الجوي للاحتلال، وهو ما جعلها رقما يصعب تجاوزه فعليًا.
ويشير إلى أنه وفي ظل هذه الحالة تسعى واشنطن وأطراف دولية لطرح مبادرات توصف تحت الحلول الاقتصادية، والسعي في مقابلها لمنع المقاومة من التزود بالأدوات والأسلحة القتالية وتطوير نفسها.
وينبه أبو زبيدة إلى أن وضع المقاومة بما تمتلكه ورغم عدم مقارنته بما بيد دولة الاحتلال، إضافة لحالة الوعي والإدراك التي يتمتع بها الشعب الفلسطيني، يمثلان صخرة مانعة لتمرير أي رؤى سياسية مطروحة في صفقات خارجية هي بمثابة فرض للاستسلام.