فلسطين أون لاين

​عباس ورفض "صفقة القرن".. تناقُض الأقوال مع الأفعال

...
محمود عباس (أ ف ب)
غزة - نبيل سنونو

إعلامياً، يتخذ رئيس السلطة محمود عباس موقفاً معارضاً لـ"صفقة القرن" التي تعدها الإدارة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، لكن مراقبين يقولون إن أفعال الرجل الثمانيني تتناقض مع أقواله هذه على صعد عدة.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، د. وليد المدلل، إن الذي يريد أن يسقط "صفقة القرن" التي تقوم على أساس التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني يتعين عليه أن يترجم ذلك بالأفعال، موضحاً أن الإجراءات العقابية التي تفرضها السلطة على غزة منذ مارس/آذار 2017 تعزز الحصار وتستكمل "العقوبات الإسرائيلية"، بهدف قهر إرادة الناس في غزة، ومحاولة دفعهم باتجاه "خيارات غير وطنية"، بمعنى القبول بأي فتات تُقدم لهم بعد إنهاكهم بهذه العقوبات.

ويضيف المدلل لصحيفة "فلسطين": "حتى المصالحة التي تقدمت حركة حماس باتجاهها خطوات واسعة، نجد تنكراً واستنكافاً من قبل السلطة الفلسطينية ورئيسها عن التقدم باتجاه حركة حماس".

ويشير إلى أن كل ما يُسمع من عباس هو "مقاطعة الطرف الأمريكي"، معتقداً أن ما يغضب رئيس السلطة هو أنه ليس مدعواً كطرف مقرر في "صفقة القرن"، "لكن لا أعتقد أنه يغضبه الاستيطان في الضفة الغربية الذي هو مقدمة حقيقية لتطبيق الصفقة، ولا يغضبه كثيراً ما حدث في القدس على سبيل المثال، فهو لا يقدم شيئا من الدعم للمدينة المحتلة"؛ وفق قول المدلل.

ويبين أن منع المقاومة في الضفة الغربية المحتلة لا يصب في خانة مواجهة "صفقة القرن"، بينما هناك نوع من "الالتزام الحديدي" بالعلاقة الأمنية بين السلطة والاحتلال.

وبشأن قطاع غزة، يرى المدلل أن عباس لم يساهم أبداً في ملف إعادة إعماره، وأنه حاول الاستحواذ على آليات الإعمار، وتساوق مع الشروط الدولية المتعلقة بذلك.

ويعتقد المحلل السياسي، أن جزءاً كبيراً مما يدور الحديث عنه ضمن "صفقة القرن"، قبلت به السلطة، وعلى سبيل المثال تبادل الأراضي وصيغة الدولة منزوعة السلاح، فعباس ليس لديه مشكلة ويطالب برقابة دولية.

ويوضح أن "صفقة القرن" لا تتحدث عن الاستيطان لا من قريب ولا من بعيد، وهو ما حدث في اتفاق أوسلو "الذي شرعن الاستيطان"، لافتاً إلى أن عباس ملتزم بهذا الاتفاق.

ويتابع بأن "سكوت عباس" فاقم عملية الاستيطان، فضلاً عن تحييد ملف القدس طوال فترة الصراع وجعله من قضايا المرحلة النهائية، وهو ما يعد من خطايا اتفاق أوسلو الذي أسس لهذه المرحلة.

ويرى أن عباس لم يواجه نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، على نحو يلهب الشارع بأشكال المعارضة المختلفة ضد هذه الخطوة.

ويقول المدلل، لا يمكن فهم كلام عباس على أنه حالة اشتباك مع الطرف الأمريكي أو الاحتلال الإسرائيلي، بل هو عبارة عن شكل من الاختلاف معهما "لتحييده" عن هذه الصفقة، مفسراً بأن عباس طرف غير مدعو ويتم الاتفاق مع الطرف العربي ضمن ما يسمى الاتفاق الإقليمي، أما الفلسطينيون ليسوا مدعوين للصفقة وإنْ دعوا فهم ليسوا مقررين.

موقف شكلي

من جهته، يقول المحلل السياسي هاني حبيب، إن موقف السلطة الفلسطينية في مواجهة "صفقة القرن"، يفتقر للآليات القادرة على تشكيل موقف من الممكن أن يؤتي ثماره.

ويعتبر حبيب، في حديث مع صحيفة "فلسطين"، أن موقف السلطة بهذا المعنى "شكلي أكثر من أن يكون عملياً".

ويوضح أن رفض "صفقة القرن" يتطلب إعادة الوحدة للوضع الفلسطيني باتخاذ الخطوات اللازمة من أجل وقف كافة الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة، وتوطئة توفير مناخ لإنهاء الانقسام، وبالتالي هذا شرط لابد منه للمواجهة الحقيقية ضد هذه الصفقة.

ويتابع: "بكل أسف هناك أكثر من جهد لفصل قطاع غزة"، لافتًا إلى تزايد العقوبات على القطاع، والمساعي الأمريكية لتحقيق ذلك بدعوى "إنقاذ غزة".

ويتمم حبيب بأن أبسط عملية مواجهة لـ"صفقة القرن" يتطلب إدراك وجوب وحدة وطنية حقيقية وفاعلة.

وتفرض السلطة منذ مارس/آذار 2017 إجراءات عقابية وصفها عباس بأنها "غير مسبوقة" على قطاع غزة، شملت الخصم من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية، وتأخير صرفها، كما مست مجالات حيوية كالصحة والكهرباء والوقود، وغيرها.