قبيل إعلان نتائج الثانوية العامة، واقتراب عقارب الساعة من الثالثة عصراً، كانت نبضات قلب الطالبة رانية صلاح العباسي تتسارع أكثر فأكثر، فيما ارتسمت على تقاسيم وجهها حالة من القلق.
بُضع دقائق "عصيبة" مرّت على العباسي (17 عاما)، حتى جاءت النتيجة التي أثلجت قلبها، بحصولها على ترتيب الأولى على قطاع غزة عن الفرع الأدبي بمعدل 99.4%، لحظات كانت كفيلة بتبديد كل المشاعر السلبية التي انتابتها ونشر أجواء البهجة في أرجاء منزل عائلتها.
"شعور لا يوصف وفرحة لا تقدر بثمن"، بهذه الكلمات عبرت المتفوقة العباسي عما جال في لحظة تلقيها الخبر الذي نزلت معه دموع الفرح من عيني والديها.
تقول العباسي التي تقطن في محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة لصحيفة "فلسطين": إن شقيقها هو أول من أخبرها بالنتيجة، تبعه اتصال من وزير التربية والتعليم برام الله صبري صيدم، يخبرها ذات النتيجة.
لحظات قصيرة كانت كفيلة بتحول البيت إلى مهرجان، وفق وصف المتفوقة العباسي، مضيفة "كل البيت مبسوط، حيث انهالت صيحات التكبير في أرجاء المنزل".
وربما لم يكن المُعدل التي حصلته رانية باجتهادها غريباً عليها، إذ اعتادت على التفوق والحصول على معدلات تتجاوز نسبة 99% طيلة فترة دراستها، مشيرة إلى أنها كانت تتوقع الحصول على معدل 99.5 وذلك من خلال مراجعتها اليومية لإجاباتها على اختبارات امتحان الثانوية العامة، كما تقول.
ولا يخفى على أحد أن طريق تحقيق أي نجاح في قطاع غزة محفوف بصعوبات ومعيقات كثيرة من رحم المكان الذي تقول الأمم المتحدة إنه لن يكون قابلاً للعيش حتى عام 2020 بفعل أزمة المياه، والحصار الإسرائيلي المفروض على المكان الأكثر كثافة سكانية في العالم منذ 12 عاماً، عوضاً عن الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي يواجهها السكان، كما تقول العباسي.
وتشير إلى أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 20 ساعة يومياً كانت من أبرز الصعوبات التي واجهتها وغيرها من الطلبة، مستدركةً "لكّن العزيمة التي بداخلي كانت أقوى من كل هذه الظروف التي تبعث على اليأس، كذلك الدعم المعنوي الذي تلقيته من عائلتي التي وفرت كل ما يلزم لكي أقدم أفضل أداء".
وفي خضم زحمة استقبال المهنئين بالنجاح، قالت والدتها أم محمد (57 عاماً) إنها تعيش مشاعر لا توصف، هذه لحظات من العُمر، وربنا يفرح الجميع (...) غمرتني سعادة وفرحة لم أشعر بها طيلة حياتي عندما تلقينا الخبر من وزير التعليم".
وأهدت "أم محمد" نجاح ابنتها إلى أهالي الشهداء والجرحى والأسرى القابعين خلف سجون الاحتلال، وجميع طلبة الثانوية العامة في فلسطين.
وتنوي العباسي الالتحاق بأحد برامج اللغة الإنجليزية، طامحة باستكمال الدراسات العليا، إذ تنظر إلى هذه اللغة كوسيلة عابرة للحدود باعتبارها الأولى في العالم من حيث عدد الناطقين بها وتعتمد عليها كافة الأعمال، موصية طلبة الثانوية للعام المقبل، بضرورة تنظيم أوقاتهم الابتعاد عن الخوف والتوتر أثناء الدراسة وتقديم الامتحانات النهائية.