في قاعة الزمرد العامة وسط الكويت العاصمة يخوض أعضاء فرقة "بلادي" للفلكلور الفلسطيني تدريبات أسبوعية استعدادا للمشاركة في فعاليات ومهرجانات دورية داخل الكويت، مبدين في كل جولة حماسا أكبر لنشر الفنون الفلسطينية التراثية أينما حلوا.
وتأسست فرقة بلادي –الريف سابقاً- مطلع عام 1999 بمبادرة ذاتية من اللاجئ الفلسطيني أيمن السقا، لتكون بذلك أول فرقة فنية تتغنى بالرقصات الشعبية القديمة والدبكات الفلكلورية داخل الكويت قبل أن تصبح من أشهر الفرق العاملة في منطقة الخليج العربي.
ويتميز أعضاء "بلادي" بحمل الصبغة الفلسطينية، بدءا من ارتداء الملابس التراثية كالثوب أو السروال الطويل الذي يصل حتى مشط القدم والقنباز أو الغنباز المشقوق من الأمام و"الدامر" وهي جبة قصيرة تلبس فوق القنباز كمّاها طويلان، بجانب الحزام أو السير.
إرث فني
مؤسس الفرقة أيمن السقا قال بعدما رحب بـ "فلسطين" وأهالي غزة: إن "الفلكلور هو إرثٌ فني تناقله الأجداد والآباء منذ عقودٍ طويلة، قبل نكبة عام 1948 وبعدها، إذ استخدموه في الأعراس والحفلات الشعبية والسهرات الليلية"، مشيراً إلى أن الفلكلور الوطني يتميز عن غيره في بلاد الشام عموماً.
وأضاف السقا: "جاءت فكرة تأسيس الفرقة بمبادرة وبدعم ذاتي، بهدف ربط اللاجئين بتاريخهم وتحديدا الأجيال الصاعدة والتأكيد على الهوية والقيم الثقافية والاعتزاز بها، كون أن الفلكلور يمثل الجذور الضاربة للشعب الفلسطيني في التاريخ التي تعود بأصالتها إلى الحضارة الكنعانية الأولى قبل آلاف السنين".
وحول أعمال الفرقة وإصداراتها، أوضح السقا أن "بلادي" تنتج أعمال فنية فلكلورية تجمع بين الأصالة والحداثة تعبر عن مشاعر وأحاسيس اللاجئ الفلسطيني وهمومه بعيداً عن وطنه الأم، الذي سمع عنه ولكن لم يقبَّل ترابه ولو لمرة واحدة، مبيناً أن الفرقة تستفيد من الذاكرة الفنية الإنسانية عموماً والتراث الشعبي العربي_ الفلسطيني خصوصاً.
وتقدم الفرقة أعمالا فنية متعددة، أبرزها الدبكة التي تتألف من حركات بالأرجل والضرب على الأرض سواء دبكة الطيارة أو الكرادية التي تتميز بالإيقاع السريع لذا يتوجب أن يكون من يزاولها يتمتع باللياقة العالية ومستوى تركيز عالٍ، أو "الدلعونا" التي تُغنى بأغانٍ جديدة الكلمات لكن على نفس الرتم مع اختلاف في الكلمات.
وكذلك تشتهر فرقة "بلادي" التي تتألف من 15 عضوا فلسطيني الأصل، بتقديم دبكة "زريف الطول" التي يزداد الأقبال عليها في جلسات المديح والغزل في الأفراح أو التغني بمناقب العريس وأهله.
رحلة الأجيال
وفي سياق الأفراح، يتحدث إيهاب الرنتيسي أحد أعضاء الفرقة عن مشاركتهم الميدانية، قائلا: "رغم أننا نحمل الصبغة والثقافة الفلسطينية الكاملة إلا أننا نتلقى دعوات لإحياء أفراح لجاليات أخرى كالمصرية والسعودية والكويتية، رغبة منهم في سماع الأهازيج الفلسطينية والتمتع البصري بالرقصات والدبكات الفولكلورية".
وأضاف في حديثه الهاتفي مع مراسل "فلسطين": حصدت الفرقة خلال السنوات الماضية عدة جوائز وأوسمة لتميزها بأعمالها وقدرتها على المزج بين الماضي والحديث فضلا عن دورها في حماية التراث، وهو أهم أهدافها.
وأشار إلى أن "بلادي" ضمت في صفوفها الآباء والأبناء ضمن دورة تبدل الأجيال، موضحاً أن طفله الصغير "رياض" ذو العشرة أعوام، انضم أخيراً إلى كادر الفرقة كأصغر عضو وبات يلقب بـ "شبل بلادي".
ومنذ نشأت الفرقة قبل نحو 17 عاما اصطدمت مسيرتها بمعيقات متعددة، كان أبرزها عدم قدرتها على المشاركة في المسابقات والفعاليات خارج دولة الكويت، بسبب عدم حمل جل أعضائها بطاقات هوية تمكنهم من السفر، رغم وصول عشرات الدعوات لإقامة مهرجات في دول عربية أو أوروبية.
اما أمنيات فرقة "بلادي" فلا تكاد تبتعد عن مضمون المعيقات التي تواجهها، إذ يتطلع أعضاء الفرقة أولا إلى اللحظة التي يزورون فيها بلادهم فلسطين ويشاركون في مهرجان وفعاليات بين أبناء شعبهم وتحديدا في مدينة القدس المحتلة، وكذلك تسعى إدارة الفرقة إلى تجهيز أعضائها بأثواب مجهزة أو مطرزة بالكامل بأيدٍ فلسطينية.