منذ أن علم الموظف في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" محمد أبو زهير بنية الوكالة إنهاء عقود قرابة 400 موظف بذريعة "الأزمة المالية"، سيطر القلق الممزوج بالحيرة على مختلف مجريات حياته، متسائلا بخشية "من سيكون الضحية القادمة؟".
ويتخذ أبو زهير من عمله في قطاع التعليم بالأونروا منذ 15 عاما مصدر دخل وحيد يعيل من خلاله عائلته المؤلفة من سبعة أفراد، ولكن منذ بضع سنوات لم يعد يشعر بالأمان الوظيفي نتيجة الأزمات المختلفة التي تعلن إدارة الوكالة ومن يتبعها من إجراءات تقشفية تستهدف الموظف حصرا.
ويقول أبو زهير لصحيفة "فلسطين": "منذ صيف 2014 والأزمات المختلفة تعصف بالأونروا لأسباب غير مبررة وربما مفتعلة لغايات سياسية بحتة، إلا أنها في النهاية تستهدفنا كموظفين نعتمد على الوكالة كمصدر دخل وحيد لعائلاتنا، وكذلك تستهدف اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام".
ويتوقع أبو زهير أن تتسبب إجراءات الأونروا الجديدة القديمة بتدهور حاد في الأوضاع الحياتية بقطاع غزة في ظل تدهور الظروف الاقتصادية في القطاع المحاصر، داعيا إدارة الوكالة الأممية للحفاظ على الأمان الوظيفي للعاملين في مختلف القطاعات والبرامج بدلا من تهديده بين الحين والآخر.
واتخذت الأونروا قبل قرابة الشهر قرارا بإنهاء برنامج الطوارئ، الأمر الذي يجعل مصير قرابة ألف موظف معرض للخطر.
وأخيرا أرسلت إدارة الوكالة رسائل لإنهاء عقود عمل نحو 335 موظفا من العاملين في قطاعات برنامج الطوارئ، حيث سيبدأ سريان القرار بدءا من 31 يوليو/تموز الجاري، دون أي تفاصيل أخرى عن مصيرهم الوظيفي.
وتقول الوكالة الأممية إنها تعاني من أزمة مالية خانقة جراء تجميد واشنطن 65 مليون دولار من مساعدتها البالغة (125 مليون دولار).
في حين قال الموظف في إحدى العيادات الطبية التابعة للأونروا طارق أبو إبراهيم: إن شبح الفصل التام من الوظيفة يلاحقه ويهدده بأي لحظة، الأمر الذي سيصيب حياته بانتكاسة كبيرة، واصفا ما يجري بحقه وحق قرابة ألف موظف في برنامج الطوارئ بالموت البطيء الذي يستدعي تدخلًا فاعلًا من جميع الأطراف.
وأضاف أبو إبراهيم لصحيفة "فلسطين": "من غير المبرر ولا المقبول أن تأتي حلول الأزمات المالية التي تعاني منها الوكالة على كاهل الموظف، الذي بالكاد يستطيع تدبير شؤون حياته في ظل الظروف المعقدة الناتجة عن الحصار المشدد"، مطالبا إدارة الوكالة باحترام حقوق جميع الموظفين وصونها.
وعقب الأزمة الجديدة، أصدر اتحاد الموظفين بيانا دعا فيه إدارة الوكالة الى سحب جميع الرسائل التي تم إرسالها لإنهاء عقود الموظفين وأن تتراجع عنها فقطع الأرزاق من قطع الأعناق، مؤكدا رفضه القطعي لأي تقليصات على أي برنامج من برامج وكالة الغوث وخاصة ما تعرض له الآن حوالي 1000 موظف من برنامج الطوارئ.
في مهب الريح
أما الموظف أحمد أبو فادي فعبر عن استهجانه للسياسات التي تتبعها إدارة وكالة الغوث تجاه الموظفين وحقوقها، قائلا: "بدلا أن تبحث الأونروا عن حلول لأزماتها بعيدا عن الموظفين تأتي أولا على حقوقهم دون مراعاة أي شيء، فمصيرنا منذ عدة سنوات في مهب الريح بفعل سياسات عوجاء".
وفي ذات السياق، قال مركز الإنسان للديمقراطية والحقوق بغزة: إن "تقليص خدمات الأونروا، يضاعف الأزمة الإنسانية في القطاع ويحرم اللاجئين من حقوقهم، موضحا أنه في حال قامت الأونروا بتطبيق خطة التقشف فستدخل غزة ضمن الدول الفقيرة والتي تعاني الجوع والفقر المدقع.
وقال المركز في بيان له: "لم تتوقف ظلال المعاناة في غزة على حصار مستمر 12 عامًا على التوالي، ولا على أزمات إنسانية متتالية تبدأ من الأزمة الخانقة التي تمر بها وزارة الصحة والاقتصاد، ناهيك عن العقوبات التي فرضت على القطاع، إضافة إلى التقليصات التي تنوي الأونروا القيام بها".
وطالب المركز بضرورة العمل الجاد على توحيد الجهود في اتحاد الموظفين للوقوف أمام خطة الأونروا والضغط من كافة الجهات والمؤسسات والفصائل الوطنية والإسلامية لمنع تطبيق مُبتغى من يقف وراء خطة التقليص والحرمان.