رغم الحراك الحقوقي والجماهيري الواسع في غزة والضفة وعواصم عربية وأوربية المنادي برفع العقوبات عن قطاع غزة غير أن السلطة لا زالت تتجاهل تلك الدعوات والحراك الذي أحرجها دوليا.
وقمعت أجهزة أمن السلطة الحراك الجماهير في محافظات الضفة الغربية تارة فيما استخدمت سياسة "الاحتواء" تارة أخرى، لكن السؤال الأهم: ما هي الأسباب التي تدفع السلطة للاستمرار في العقوبات رغم غياب الأسباب والمبررات لفرضها أصلا.
ورأي الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن نوايا السلطة تجاه غزة لا زالت غير واضحة، وأن الغريب في الأمر أن السلطة لم تفرض تلك العقوبات خلال السنوات الأولى من الانقسام الداخلي، وكانت ترى حينها أن استمرار دفع الرواتب لموظفيها بغزة جزء من التأكيد على شرعيتها.
وتساءل عرابي في حديثه لصحيفة "فلسطين": "لماذا لم تعد السلطة ترى أن قيامها بواجبها تأكيد على شرعيتها؟" مستغربا من إصرار السلطة على فرض العقوبات وعجز قياداتها وقادة حركة "فتح" عن مواجهة الجماهير والموظفين في غزة.
وقال: "الشارع الفلسطيني يضيق ذرعا بالعقوبات التي لا يوجد لها أي تفسير سياسي"، لافتا إلى أن حراك الجماهير الفلسطينية والعربية والأجنبية أشعر السلطة بالحرج، بدليل سلوك السلطة المضطرب بين قمع مسيرات ومحاولة احتواء مسيرات أخرى.
ورأى عرابي أن السلطة لا تستجيب كثيرا لمطالب الجماهير الفلسطينية، وبالتالي فإن كل المسائل الداخلية من قضايا الانقسام ورفع العقوبات ومواجهة التحديات الراهنة تتطلب قدرا من الإرادة والتحرك من قيادة السلطة التي تدير ظهرها في كل الأوقات.
حسن سلوك
فيما قال الكاتب والمحلل السياسي خالد عمايرة: إن السلطة تشعر أنها ستبدو مهزومة لو استجابت للحراك الجماهيري المنادي برفع العقوبات، والسبب الآخر أن السلطة تريد أن تحصل على شهادة "حسن سلوك من أعداء حماس في المنطقة والخارج وخاصة الاحتلال وأمريكا وغيرهما".
وقال عمايرة لصحيفة "فلسطين": "السلطة تنظر إلى حماس وكأنها التهديد الاستراتيجي لها، وبالتالي تحتل عداوة السلطة لحماس المرتبة الأولى في أولويات السلطة، بينما لا تعطي أهمية لسياسة الاحتلال الممنهجة بشكل يومي والهادفة لإذلال السلطة من خلال سياسة هدم البيوت ومصادرة الأراضي واحتجاز الأموال والضرائب".
وأضاف: "العقوبات التي تفرضها السلطة على غزة تتكامل مع الإجراءات الإسرائيلية كالحصار والجرائم الأخرى، وخاصة أن العقوبات وفرت للاحتلال فرصة للتنصل من الاتهامات الدولية الموجهة إليه بحصار غزة عندما تجيبالوفود الدولية في (تل أبيب) وتتهرب من الحصار على غزة وتلصقه بعقوبات السلطة".
وأشار عمايرة إلى أن ردود فعل السلطة على جرائم الاحتلال في القطاع خلال الأشهر القليلة الماضية كانت للاستهلاك الإعلامي فقط، مستدركا: "لكن في واقع الأمر السلطة مرتاحة في داخلها من قيام (إسرائيل) بالضغط على غزة، ويفسرون الأمر على أنه ضغط على حماس".
والغريب في تعامل السلطة مع حماس، وفق عمايرة، أنها ترى في حماس عدوا وليس منافسا سياسيا كما يحدث في دول العالم، وهذه السياسات تأتي بتوجيهات مباشرة من رئيس السلطة محمود عباس والدائرة المقربة منه.

