تؤرق سياسة الخصم والاحتجاز التي تتبعها حكومة الاحتلال الاسرائيلي على أموال المقاصة، السلطة الفلسطينية في رام الله، والتي تُشكل ثلثي الإيرادات العامة للسلطة. وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون اقتصاديون أن تصرف الاحتلال بالأموال الفلسطينية بإرادته المنفردة، انتهاك فاضح للاتفاقيات والمواثيق الدولية فإنهم يطالبون السلطة بخطوات جادة للانعتاق من الهيمنة الإسرائيلية على الاقتصاد، والضغط من أجل تغيير بنود اتفاق باريسالاقتصادي بما يخدم الاقتصاد الفلسطيني والتطورات الراهنة.
وتقول وزارة المالية برام الله، إنه في حال نفذ الاحتلال قانون اقتطاع مخصصات الأسرى والشهداء ( الذي صادق الكنيست الاسرائيلي عليه بالقراءتين الثانية والثالثة الاثنين الماضي) من أموال الضرائب الفلسطينية فإن، معدل الاقتطاعات الإسرائيلية من عائدات المقاصة سيرتفع إلى حوالي 220 مليون شيقل شهرياأي حوالي 2.6 مليار شيقل سنويا.
والمقاصة: هي الإيرادات التي يتم تحصيلها نتيجة المعاملات التجارية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال ويتم تحويلها إلى وزارة المالية برام الله، وفقاً لجلسات المقاصة الشهرية بحسب أحد بنود بروتوكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994.
مورد مهم
ويقدر العجز الجاري في موازنة السلطة برام الله للعام 2018 حوالي 2.6 مليار شيقل، والعجز الإجمالي (بزيادة النفقات التطويرية) حوالي 4.6 مليار شيقل، وباقتطاع الاحتلال لمخصصات المقاصة يرتفع العجز الجاري إلى حوالي 3.8 مليار شيقل، أي بنسبة 28% من إجمالي الموازنة العامة، والعجز الاجمالي إلى 5.8 مليار شيقل، تشكل 43% من اجمالي الموازنة.
واعتبر د. معين رجب المختص في الشأن الاقتصاديأن أموال المقاصة هي جزء مهم من الإيرادات التي تتحصل عليها السلطة لتمويل نفقاتها، وهي تشكل ثلثي الإيرادات، مما يعني أن الانتقاص منها أو احتجازها سيزيد من الضائقة المالية للسلطة.
وأشار في حديثه مع صحيفة "فلسطين" إلى أن الاحتلال فضلاً عن القرصنة فإنه يستقطع 3% من قيمة ايرادات المقاصة شهرياً مقابل أجر طواقمه الفنية والإدارية .
وبلغت إجمالي إيرادات المقاصة خلال أول 11 شهراً من العام 2017، وفق أرقام الميزانية الفلسطينية 8.244 مليار شيقل، واقتطع الاحتلال منها مبلغ 1.15 مليار شيقلاً.
اتفاق باريس
ويشير المختص في الشأن الاقتصادي د. نور أبو الرب إلى أهمية أن تمارس السلطة دورهامن أجل تعديل بنود اتفاق باريس الاقتصادي الذي جعل الاحتلال مهيمناًعلى الاقتصاد الفلسطيني وتابعا له، مشيراً إلى أن النظام المالي الفلسطيني تشوبه الكثير من العيوب.
ودعا أبو الرب خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين" السلطة إلى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية والدبلوماسية للتصدي لهذا الاعتداء على المال العام، وفي المقابل اتخاذ تدابير اقتصادية لزيادة ايراداتها المحلية، وملاحقة التهرب الضريبي، واتباع سياسة تقشف عادلة.
يجدر الإشارة إلى أن الاحتلال دأب على احتجاز أموال السلطة مع كل أزمة سياسية تمر بها العلاقات بين الطرفين، حيث احتجزت أموال الضرائب في العام 2000 على اثر اندلاع انتفاضة الأقصى، وفي العام 2006 بعد نجاح حركة حماس في الانتخابات، بالإضافة إلى العام 2012 بعد الاعتراف بدولة فلسطين من قبل الأمم المتحدة.